تحقيق لرويترز يكشف: السجون السورية تواصل الاكتظاظ بمعتقلين بلا تهم، والسلطة الجديدة ترث انتهاكات عهد الأسد


هذا الخبر بعنوان "رويترز: السجون السورية تكتظ بمعتقلين بلا تهمة .. السلطة ترِث معتقلات الأسد وانتهاكاته" نشر أولاً على موقع snacksyrian وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
كشف تحقيق أجرته وكالة "رويترز" عن استمرار ظاهرة الاعتقالات لأسباب أمنية في سوريا، حيث تم احتجاز أكثر من 829 شخصاً منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024. وأفادت الوكالة أن السجون السورية تكتظ حالياً بسوريين اعتقلتهم القوات الحكومية دون توجيه اتهامات رسمية لهم.
وأوضحت "رويترز" أن مقابلاتها مع ذوي المعتقلين ومعتقلين سابقين، بالإضافة إلى مراجعتها لقوائم المحتجزين في 7 مراكز احتجاز وتقارير متعددة عن الاكتظاظ، تشير إلى أن العدد الفعلي للمعتقلين الأمنيين يتجاوز بكثير الرقم الذي تمكنت من توثيقه. كما أشارت الوكالة إلى أن ما لا يقل عن 28 سجناً ومركز احتجاز يعود لعهد "الأسد" قد عادت للعمل مجدداً خلال العام الجاري، فضلاً عن إرسال معتقلين لأسباب أمنية إلى سجون كانت تديرها "هيئة تحرير الشام" في "إدلب".
وثّقت الوكالة ما لا يقل عن 11 حالة وفاة داخل مراكز الاحتجاز، منها 3 حالات لم تعلم عائلاتها بوفاة أبنائها إلا بعد دفن جثامينهم.
من جانبه، صرح المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، "ثمين الخيطان"، بأن اللجنة غير قادرة على إعداد سجل دقيق للاحتجازات الأمنية. وأشار إلى صعوبة تحديد أعداد المحتجزين والمفرج عنهم وحالات الإخفاء القسري، لافتاً إلى أن بعض العائلات تتردد في تقديم معلومات خشية العواقب.
تطرق التقرير إلى حملات اعتقال طالت عسكريين من الجيش في عهد الأسد، منهم مجندون قسراً وضباط. وقد احتُجز هؤلاء في مواقع شهدت انتهاكات سابقة، دون وجود قوائم بأسمائهم أو إفصاح السلطات عن أماكن احتجازهم. ومع ذلك، حصل بعضهم على العفو بفضل وساطات غير رسمية من قياديين مجتمعيين وناشطين ورجال دين، أو بتدخل مباشر من اللجنة العليا للسلم الأهلي.
كما رصد التقرير موجات اعتقالات واسعة، بدأت الموجة الثانية في آذار 2024 بالتزامن مع "مجازر الساحل"، حيث انتشرت تهمة الانتماء لـ"فلول النظام" واستهدفت "العلويين" بشكل رئيسي. تلتها حملة اعتقال جماعية أخرى في تموز بالتزامن مع أحداث "السويداء" التي شهدت مجازر طائفية أيضاً. ويشير التقرير إلى أن عمليات الاعتقال طالت أيضاً العديد من أبناء الطائفة السنية بتهمة الارتباط بالنظام السابق، وناشطين حقوقيين، ومواطنين مسيحيين تعرضوا للابتزاز للحصول على معلومات أو أموال، بالإضافة إلى مواطنين من الطائفة الشيعية اتهموا بالارتباط بـ"إيران" و"حزب الله".
وفيما يتعلق بظروف الاحتجاز، نقلت الوكالة عن سجين سابق في سجن عدرا بدمشق شهادته بأن السجناء كانوا يضطرون للنوم على جوانبهم بسبب الاكتظاظ الشديد في الزنازين. وأفاد بعدم توفر الأدوية أو المياه الساخنة للاستحمام، وأن الغذاء اليومي كان يقتصر على بضع حبات من الزيتون والتمر وقطعة خبز واحدة. وأكد التقرير أن الظروف المماثلة تسود في المراكز الأمنية بـ"كفرسوسة" و"المزة"، التي كانت فروعاً أمنية في عهد النظام السابق.
كما كشفت 14 عائلة و4 محامين لوكالة "رويترز" عن تلقيهم طلبات مالية مقابل إطلاق سراح معتقلين، حيث لم يكن معظمهم متأكداً من هوية المتصل. وتتراوح المبالغ المطلوبة عشوائياً بين 500 و15000 دولار للإفراج عن المعتقل العادي (فلاح أو عامل أو مجند)، بينما وصلت المطالب لعائلات الضباط وأصحاب النفوذ في عهد النظام السابق إلى مليار ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 90 ألف دولار.
ووثّق التقرير شهادات لأشخاص تعرضوا للاعتقال على يد قوات الأمن الداخلي وتنقلوا بين عدة مراكز احتجاز، حيث أفادوا بتعرضهم لشتائم طائفية وتعذيب جسدي شديد باستخدام أساليب كانت شائعة لدى أجهزة الأمن في عهد الأسد، مثل "الدولاب" و"الشبح" و"حفلات الاستقبال". وعرض التقرير صوراً توثق إصابات لمعتقلين قالوا إنها ناجمة عن التعذيب.
وفي ردها على التقرير، ذكّرت وزارة الإعلام السورية بتعهدات الرئيس الانتقالي "أحمد الشرع" بإغلاق السجون التي كانت رمزاً للتعذيب والانتهاكات في عهد الأسد. وأوضحت الوزارة أن الحاجة لتقديم المتورطين بانتهاكات نظام الأسد إلى العدالة تفسر العديد من الاعتقالات وإعادة فتح بعض مراكز الاحتجاز، مشيرة إلى ضخامة عدد المتورطين في الجرائم والانتهاكات في ظل النظام السابق، بالإضافة إلى جرائم سابقة وتورط في انتهاكات جديدة وتهديدات للأمن والاستقرار من قبل المرتبطين بالنظام، وجرائم أخرى.
وأكدت الحكومة السورية على ضرورة إعادة بناء المؤسسات القانونية والقضائية والأمنية بعد سقوط نظام الأسد، مضيفة أن هذا الواقع الصعب قد يؤدي إلى فراغات وعواقب وخيمة تخالف السياسات في بعض الحالات. كما أعلنت عن محاسبة 84 عنصراً من قوات الأمن بسبب عمليات ابتزاز للمحتجزين، و75 عنصراً آخرين ارتكبوا أعمال عنف. ويُذكر أن وزارة الداخلية السورية كانت قد أصدرت الشهر الماضي مدونة سلوك للعاملين في صفوفها، تنص على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، بما في ذلك صون كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته، والامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة أو الإساءة اللفظية أو السلوكية، مع التأكيد على حسن التعامل مع المتهمين والمشتبه بهم واحترام حقوقهم أثناء التحقيق.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة