نادي عامودا: قصة صعود ملهمة من الغياب الطويل إلى الدوري السوري الممتاز لكرة الطائرة


هذا الخبر بعنوان "نادي عامودا… صعود من الهامش إلى الممتاز" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٣ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
لم يكن تأهل نادي عامودا الرياضي إلى الدوري السوري الممتاز لكرة الطائرة مجرد انتصار عابر، بل يمثل تتويجاً لرحلة طويلة وشاقة من الغياب والتحديات والإصرار، تكللت بعودة هذا النادي العريق إلى مصاف الكبار بعد غياب دام 14 عاماً عن البطولات الرسمية. هذا الإنجاز يعيد النادي إلى مكانته الطبيعية التي يستحقها.
في الثاني عشر من كانون الأول الجاري، حسم لاعبو عامودا في دمشق تأهلهم إلى النهائي بفوزهم في نصف نهائي بطولة أندية الدرجة الأولى بثلاثة أشواط نظيفة على نادي جيرود. ورغم أن النتيجة قد تبدو سهلة على الورق، إلا أنها كانت ثمرة سنوات طويلة من المعاناة والتحديات التي تفوق مجرد الأرقام والأشواط.
يؤكد الكابتن إبراهيم صلفيج، رئيس النادي، أن قصة هذا الصعود بدأت في ظروف بالغة الصعوبة وغير مواتية على الإطلاق. ويضيف: «كنا ننافس أندية تتمتع باستقرار مادي كبير، وتقع بالقرب من مراكز البطولات، ولا تواجه أي مشاكل في السفر أو الإقامة. في المقابل، كنا نقطع مئات الآلاف من الكيلومترات بين المحافظات المختلفة، ونتحمل أعباء التنقل والطعام والإقامة بإمكانيات شبه معدومة».
لم يكن فريق عامودا يتمتع برفاهية المعسكرات التدريبية أو الاستقرار. فبعض اللاعبين كانوا يضطرون لقطع مسافات تتجاوز 100 كيلومتر للوصول إلى التمارين. وكان معظمهم يعمل لساعات طويلة قبل أن يبدأوا تدريباتهم، كل ذلك دون عقود احترافية أو ضمانات، مدفوعين فقط بالانتماء العميق للنادي واسم المدينة.
في ظل هذا الواقع الصعب، كان العامل النفسي هو السلاح الأقوى. يوضح صلفيج: «ركزنا على توفير الدعم المعنوي للاعبين، وغرس شعور الانتماء للعائلة الواحدة في نفوسهم. وقد تحمل النادي ما يقارب 500 ألف ليرة سورية لتغطية تكاليف السفر للتدريب الواحد، وذلك رغم غياب أي موارد مالية حقيقية، لكن الإصرار كان أقوى من أي عائق مادي».
لقد تحولت الإدارة والجهاز الفني واللاعبون إلى أسرة متكاملة، تعمل بتفانٍ وصمت، وتتحمل قسوة البرد والشتاء ومشقة الطرق الطويلة. ومن هنا، وُلد لقب “نسور الشرمولا”، وهو الوصف الذي أطلقه رئيس النادي على هؤلاء اللاعبين الذين لم يتغيبوا قط، ولم يتذمروا، ولم يساوموا على التزامهم وحضورهم.
ولم يغفل الجمهور عن دوره المحوري في كتابة فصول هذه القصة البطولية. ففي صالة الفيحاء بدمشق، كان المشجعون بمثابة اللاعب السابع، يرفعون من معنويات الفريق ويحولون التعب إلى طاقة دافعة. ونتيجة لهذا الدعم، لم يخسر الفريق سوى شوط واحد فقط في أربع مباريات، وكأن المدرجات كانت ترفض فكرة الهزيمة.
بفضل هذا التأهل، وجد نادي عامودا نفسه فجأة ضمن أكبر عشرة أندية في سوريا، ليقف جنباً إلى جنب مع أندية عريقة تمتلك تاريخاً طويلاً ودعماً مؤسساتياً كبيراً. ويؤكد صلفيج: «إن الوصول إلى هذا المستوى المرموق لم يكن بفضل الإمكانيات المادية، بل كان نتيجة للمثابرة اللامتناهية والولاء الصادق للنادي».
غير أن هذه القصة لا تنتهي عند هذا الحد، فالمرحلة المقبلة تعد أكثر صعوبة وتحدياً، كما يؤكد رئيس النادي. فالبقاء في الدوري الممتاز يتطلب دعماً مالياً وفنياً مستمراً، وبناء فريق متكامل قادر على المنافسة بقوة. ويقول صلفيج بثقة: «لو حصلنا على ربع الدعم الذي تحصل عليه الأندية الكبرى، سنكون منافساً حقيقياً لا مجرد ضيف في هذا الدوري».
ويختتم صلفيج حديثه برسالة واضحة المعالم، مفادها أن نادي عامودا لا يمثل مجرد فريق رياضي، بل يمثل منطقة كاملة بكل مكوناتها، وأن الرياضة فيه تحمل رسالة حضارية أعمق من مجرد تحقيق النتائج. ويؤكد أنه بتكاتف الأهالي والجهات المعنية، يمكن لهذه القصة أن تتحول من نجاح عابر إلى مشروع رياضي مستدام ومزدهر.
تأسس نادي عامودا الرياضي عام 1987، وقد كتب بهذا التأهل فصلاً جديداً ومشرقاً في تاريخه العريق، مؤكداً أن الإرادة الصلبة قادرة على كسر حواجز العزلة، وأن الطريق إلى القمة قد ينطلق من الهامش، لكنه لا يتوقف إلا عند بلوغها.
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة