سرقة تمثال القديس بولس الرسول من باب كيسان بدمشق: حادثة رمزية في سياق مقلق


هذا الخبر بعنوان "خطف بولس الرسول على «طريق دمشق»" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٣ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تداولت حسابات سورية على منصة فيسبوك مقطع فيديو يوثق حادثة سرقة تمثال القديس بولس الرسول من مدخل "دير مار بولس" الواقع في "باب كيسان"، أحد أبواب دمشق القديمة المدرجة على لائحة التراث العالمي. التمثال، المصنوع من البرونز، يبلغ ارتفاعه نحو 3.5 أمتار، وقد دُشن رسمياً في 21 آذار (مارس) 1999، في موقعه عند "باب كيسان"، وهو المكان المرتبط تقليدياً بدخول بولس الرسول إلى دمشق.
أكدت محافظة دمشق وقوع الحادثة، واصفة الفاعلين بـ"ضعاف النفوس"، ورجحت أن يكون الدافع وراء السرقة هو الطمع في قيمة البرونز. من جانبه، نشر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" مقطع فيديو يظهر مكان التمثال بعد السرقة، مشيراً إلى وجود تسجيلات لكاميرات مراقبة في الكنيسة توثق العملية. وتتزايد المطالبات للكنيسة بنشر هذه المقاطع، في ظل غياب رواية رسمية شفافة للحادثة حتى الآن.
بالنسبة لمسيحيي دمشق، لم تكن هذه السرقة مجرد حادثة عابرة، فالقديس بولس ليس شخصية هامشية في الوعي المسيحي، بل يُعد رمزياً الشخصية الثانية في الأهمية بعد المسيح. لذلك، قُرئت الحادثة باعتبارها اعتداءً رمزياً، وتقصيراً فادحاً في حماية موقع ديني وتاريخي شديد الحساسية.
يعود التمثال إلى النحات الإيطالي العالمي ماريو توفيتي، المعروف بلقب "نحات الباباوات"، وصاحب أعمال فنية عدة. وقد أُنجز العمل بطلب من البطريركية في دمشق، ويجسد "اهتداء القديس بولس"، وهي اللحظة المفصلية في تاريخ المسيحية، حين سقط شاول الطرسوسي عن فرسه عند ظهور نور المسيح له في طريقه إلى دمشق وفقاً للمعتقد المسيحي، قبل تحوله إلى المسيحية وعُرف لاحقاً بالقديس بولس.
تأتي هذه السرقة في سياق مقلق، إذ شهدت ساحات سورية عدة، منذ سقوط النظام السوري السابق، أعمال تخريب وسرقة طالت نصباً وتماثيل وآثاراً، كان آخرها سرقة قطع من المتحف الوطني في دمشق، وسط اتهامات بتورط شخصيات نافذة، وإغلاق المتحف مؤقتاً.
وقد أثار وزير الثقافة (والآثار) محمد ياسين صالح جدلاً واسعاً في ظهوره الأخير على قناة "الإخبارية" السورية، حين ضحك أثناء حديثه عن سرقة المتحف، مؤكداً أن كاميرات المراقبة تعمل وأن "ملامح السارق واضحة"، دون أن ينعكس ذلك حتى الآن على استعادة القطع أو محاسبة جدية.
يقول الشاعر محمود درويش في قصيدته "طريق دمشق": "وفي الشام، يبتدئ الزمن العربي وينطفئ الزمن الهمجي"، في تعبير عن نقطة التحول أو الهداية وتبيّن الحق من الباطل. فهل تكون سرقة تمثال بولس الرسول على "طريق دمشق" نقطة تحول في وعي المجتمع السوري وثقافته الجديدة، أم مجرد جريمة عابرة لبيع البرونز؟
تكنولوجيا
سوريا محلي
اقتصاد
اقتصاد