أزمة القمامة تخنق شواطئ أرواد التاريخية: تدهور بيئي واقتصادي يهدد مستقبل الجزيرة


هذا الخبر بعنوان "طرطوس: القمامة تهدد شواطئ أرواد: تراجع بيئي واقتصادي" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٣ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تتزايد شكاوى الأهالي والمهتمين بالشأن البيئي في جزيرة أرواد، إحدى أقدم الجزر المأهولة في البحر الأبيض المتوسط، من تفاقم مشكلة تراكم القمامة على شواطئها. هذا المشهد المقلق بات يثير استياء السكان والزوار على حد سواء، ويضع الجزيرة أمام تحدٍ بيئي وسياحي واقتصادي حقيقي. فبالرغم من القيمة التاريخية والموقع البحري الفريد الذي تتمتع به أرواد، فإن انتشار النفايات على امتداد سواحلها يشوه صورتها ويضعف قدرتها على استعادة مكانتها السياحية والاقتصادية.
يرى مختصون وفاعلون محليون أن المشكلة تجاوزت حدود الإهمال العابر لتتحول إلى أزمة بيئية متفاقمة. وفي حديث لمنصة سوريا 24، يؤكد القبطان تيسير العال، أحد سكان جزيرة أرواد، أن "الأوضاع البيئية حول الشواطئ تشكل قلقاً متزايداً، حيث توجد كميات كبيرة من القمامة التي تشوه أبصار السائح وتعكس نمطاً غير حضاري، وتترك أثراً نفسياً سلبياً عن هذه الجزيرة التاريخية".
ويضيف القبطان العال أن أضرار النفايات لا تقتصر على الجانب الجمالي فحسب، بل تمتد لتطال البيئة البحرية بشكل مباشر، مهددة الثروة السمكية والنظام البيئي الساحلي بأكمله. وتنتشر المخلفات البلاستيكية وبقايا الصيد والنفايات المنزلية في مواقع متعددة، ما يزيد من احتمالات تلوث المياه ويؤثر سلباً على الكائنات البحرية، في جزيرة يعتمد معظم سكانها على البحر كمصدر رزق أساسي.
على الرغم من إطلاق العديد من حملات تنظيف الشواطئ خلال السنوات الماضية، بمشاركة فاعلة من المجتمع المحلي وبعض الجهات الرسمية، إلا أن نتائج هذه المبادرات بقيت محدودة وغير مستدامة. ويوضح القبطان تيسير العال أن "جميع المحاولات باءت بالفشل بسبب سوء التنظيم، وعدم وجود متابعة حقيقية أو فرض عقوبات رادعة، إضافة إلى غياب حماية فعلية لهذه الشواطئ الأثرية". ويرى الأهالي أن الحملات الموسمية، التي تفتقر إلى خطط مستدامة وآليات رقابة واضحة، لا تكفي لمعالجة المشكلة من جذورها.
لا يمكن فصل الأزمة البيئية عن الواقع الاقتصادي المتردي في أرواد، إذ يربط سكان الجزيرة بشكل مباشر بين تراجع مستوى النظافة وانخفاض أعداد الزوار. ورغم أن أرواد لم تتعرض لدمار الحرب بشكل مباشر، إلا أن تداعياتها الاقتصادية وصلت إليها بوضوح، حيث انخفض عدد السائحين بشكل كبير، ما انعكس سلباً على قطاع السياحة الذي كان يشكل أحد أهم مصادر الدخل للأهالي.
إلى جانب السياحة، تأثرت المهن البحرية التقليدية في أرواد بشكل كبير، وعلى رأسها صناعة القوارب والصيد. هذه القطاعات، التي كانت تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي، تعاني اليوم من ضعف الأسواق وقلة الطلب مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب. ويؤكد صيادون، نقلاً عن القبطان تيسير العال، أن تلوث الشواطئ والمياه يفاقم من صعوبات العمل، ويؤثر على جودة الإنتاج السمكي وفرص تسويقه.
من أبرز القضايا التي يعيدها الأهالي إلى الواجهة، غياب مسمكة عامة ومزاد منظم لبيع الأسماك في الجزيرة. ويُعد هذا المطلب، بحسب الصيادين، أساسياً ومطروحاً منذ سنوات طويلة، إلا أنه قوبل بالرفض في السابق بحجة الظروف السائدة. ويؤكد صيادو أرواد أن غياب هذا المشروع يفرض عليهم أعباء إضافية، أبرزها الضرائب المفروضة على بيع الأسماك في طرطوس، والتي تصل إلى 15 في المئة، فضلاً عن تكاليف نقل الأسماك من الجزيرة إلى البر. ويرى الصيادون أن إنشاء مسمكة ومزاد محلي من شأنه تخفيف الأعباء المالية، ودعم الصيادين، ومراعاة خصوصية أرواد البحرية، باعتبار الصيد المهنة الأساسية والوحيدة التي يعتاش منها كثير من أبنائها، وهي مهنة متوارثة جعلت من صيادي أرواد من أوائل الصيادين على مستوى سوريا.
أمام هذا الواقع المتردي، تتعالى الدعوات لوضع خطة متكاملة لمعالجة مشكلة القمامة على شواطئ أرواد. يجب أن تتضمن هذه الخطة تحسين إدارة النفايات، وتفعيل الرقابة، وفرض عقوبات رادعة بحق المخالفين، إلى جانب تعزيز الوعي البيئي لدى السكان والزوار. كما يطالب الأهالي بربط الحلول البيئية بخطط إنعاش اقتصادي وسياحي، تضمن حماية الشواطئ الأثرية واستثمارها بشكل مستدام لضمان مستقبل أفضل للجزيرة.
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي