قرى السعن والأشرفية في حمص: صراع مع الدمار ونقص الخدمات وجهود مجتمعية لإنقاذ التعليم والبنية التحتية


هذا الخبر بعنوان "السعن والأشرفية بحمص: معاناة خدمية وجهود لدعم التعليم والبنية التحتية" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تُواجه قرى السعن والأشرفية والمناطق المحيطة بها في ريف حمص الشمالي واقعًا خدميًا ومعيشيًا بالغ الصعوبة، نتيجة للدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية الأساسية، والذي انعكس سلبًا على حياة السكان العائدين بعد سنوات طويلة من النزوح. ورغم عودة نسبة لا بأس بها من الأهالي، إلا أن غياب الخدمات الضرورية واستمرار تدهور القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها التعليم، ما يزال يشكل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق الاستقرار والتعافي في المنطقة.
تعاني هذه القرى من فقدان شبه كامل للخدمات الأساسية، حيث أن شبكات الكهرباء والصرف الصحي إما مدمرة بالكامل أو غير موجودة أصلًا، إضافة إلى الأضرار الواسعة التي طالت المرافق العامة. وفي حديث لمنصة سوريا 24، يؤكد محمود الجدوع من المكتب الإعلامي لمجلس مدينة تلبيسة، أن «البنية التحتية في هذه القرى تعرضت لدمار كبير، ما جعل الحياة اليومية للسكان شديدة الصعوبة، وخصوصًا مع غياب شبكات الصرف الصحي والكهرباء، فضلًا عن تهالك الطرق والأرصفة». ويشير الجدوع إلى أن بعض الأحياء تفتقر حتى اليوم إلى أبسط الخدمات، الأمر الذي يضاعف معاناة الأهالي ويجعل العودة إلى المنازل تحديًا يوميًا في ظل انعدام المقومات الأساسية للحياة الكريمة.
يُعد الواقع التعليمي من أكثر الملفات إلحاحًا في المنطقة، إذ تعرضت مدارس عديدة لدمار كلي أو جزئي، فيما تخلو بعض القرى أو الأحياء من أي مدرسة صالحة للتدريس. ويشدد الجدوع على أن «أزمة التعليم هي التحدي الأبرز، إذ إن عددًا من المدارس مدمر بالكامل ويحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة، بينما يضطر طلاب في بعض المناطق إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مدارس في قرى مجاورة». وفي هذا السياق، أُطلقت قبل أيام حملة مجتمعية تحت عنوان «السعن في عيوننا»، تهدف إلى إعادة تأهيل المدارس المتضررة في قريتي السعن والهاشمية، وتأمين باقي الاحتياجات التعليمية، بما يضمن للأطفال حقهم في تعليم مناسب وآمن. وقد جاءت الحملة استجابة مباشرة لمطالب الأهالي، وشهدت تفاعلًا شعبيًا واسعًا ومشاركة تطوعية لافتة، تعكس حرص المجتمع المحلي على النهوض بالقطاع التعليمي رغم شح الإمكانات.
ورغم عودة نسبة جيدة من السكان إلى قراهم، فإن هذه العودة لا تزال محفوفة بالصعوبات. إذ تؤكد فعاليات محلية أن التحصينات والمتاريس التي أنشأها النظام سابقًا ما تزال تشكل عائقًا ميدانيًا، بعدما فصلت المنطقة عن محيطها. ويرى الأهالي أن إزالة هذه العوائق تتطلب تدخلًا مباشرًا من الحكومة، إلى جانب دعم دولي، لتهيئة الظروف الملائمة لعودة الاستقرار وتأمين مقومات الحياة الأساسية. ويعاني العائدون من نقص حاد في الخدمات الصحية والتعليمية، إضافة إلى ضعف فرص العمل وغياب مشاريع تنموية قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
خلال الفترة الماضية، جرت محاولات لتسليط الضوء على أوضاع المنطقة، من بينها حملات تبرع أُطلقت قبل نحو أسبوع، وأخرى في يوم الجمعة الذي سبقه، ولا سيما في منطقة السعر، لدعم الاحتياجات الأساسية. إلا أن هذه المبادرات، وفق القائمين عليها، لم تكن بالمستوى المطلوب قياسًا بحجم الدمار والاحتياجات الفعلية، خاصة في قطاع التعليم. من جهته، أوضح يوسف شيخ حمود، عضو المكتب التنفيذي في المجلس المحلي لمدينة تلبيسة، أن «بعض المناطق تشهد عمليات ترميم للمدارس، والواقع الصحي والتعليمي يُعدّ جيدًا نسبيًا». وأضاف: «في قرية السعن، توجد مدرستان والوضع مقبول حاليًا، أما في الأشرفية فالمعلومات غير مكتملة، لكن سُجل مؤخرًا دخول منظمة أطباء بلا حدود لتقديم دعم صحي». وأشار شيخ حمود إلى وجود مبادرات أخرى في تلبيسة، منها مشروع لمنظمة «الآغا خان» لتشغيل مركز رعاية للحوامل، إضافة إلى تنفيذ جسور للمشاة فوق الطرقات الرئيسية للحد من الحوادث المتكررة. كما لفت إلى أن «أربع مدارس جرى ترميمها في تلبيسة، إلا أن الواقع العام لا يزال يفتقر إلى أبسط مقومات البنية التحتية، مثل الأرصفة وشبكات الصرف الصحي».
وعلى الرغم من تدخل عدد من المنظمات الإنسانية والتنموية، يؤكد الأهالي أن حجم المشاريع المنفذة لا يزال محدودًا، ولا يرقى إلى مستوى الاحتياجات الحقيقية. فحتى نهاية العام الجاري، لا توجد مشاريع صرف صحي قيد التنفيذ. ويجمع الأهالي والفعاليات المحلية على أن تعافي قرى السعن والأشرفية يتطلب خطة شاملة، تجمع بين الدعم الحكومي والتدخل الدولي، وتعزيز دور المبادرات المجتمعية، لضمان إعادة بناء البنية التحتية، وتحسين الواقع التعليمي والصحي، وتهيئة بيئة آمنة ومستقرة تتيح للسكان العائدين استعادة حياتهم بكرامة.

سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي