داريا تستعيد متنفسها: افتتاح أول حديقة عامة بجهود أهلية ومبادرات تطوعية بعد سنوات من الدمار


هذا الخبر بعنوان "داريا: إعادة تأهيل حديقة عامة بمبادرة تطوعية ومساحة للأطفال" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في مبادرة إنسانية ورمزية، شهدت مدينة داريا في ريف دمشق إعادة تأهيل أول حديقة عامة لها منذ سنوات طويلة. جاء هذا الإنجاز بفضل جهود أبناء المدينة، وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني وفرق محلية، بهدف توفير مساحة آمنة للأطفال في مدينة تفتقر بشدة إلى مرافق اللعب والمساحات الخضراء. أُطلق على الحديقة اسم "حديقة منارة"، وقد تم تأهيلها بجهود فريق "منارة وطن" التطوعي، الذي يضم أبناء مدينة داريا، وبدعم مالي من فريق ملهم، بالإضافة إلى مساهمات من مؤسسات محلية وأفراد من المجتمع المحلي. هذا ما أكده ياسر جمال الدين، مدير الفريق، في تصريح خاص لـ سوريا 24.
تضمنت أعمال التأهيل الشاملة ترميم سور الحديقة، وتجهيز منطقة آمنة ومخصصة للأطفال مزودة بألعاب متنوعة. كما شملت الأعمال تركيب كراسٍ للجلوس، وتوفير خزان للمياه، وتركيب إنارة ليلية، وزراعة أشجار جديدة، وتحسين حالة الأشجار الموجودة مسبقًا بتزويدها بتربة جديدة. بالإضافة إلى ذلك، جرى تنظيف الحديقة بالكامل وإعادة تأهيلها لتصبح جاهزة للاستخدام العام.
وأوضح جمال الدين أن الهدف المحوري للمشروع يتمثل في تأمين مساحة حيوية للأطفال للعب، خاصة في ظل النقص الشديد للمناطق المخصصة لذلك داخل المدينة. وأشار إلى أن الإقبال على الحديقة كان ملحوظًا منذ الإعلان عن افتتاحها، حيث أمضى الأطفال ساعات طويلة فيها حتى حلول المساء، متحدين برودة الطقس، وسط حالة من الارتياح البالغ بين الأهالي.
وأضاف أن المشروع لم يخلُ من تحديات، أبرزها محدودية الإمكانيات والموارد المتاحة مقارنة بالاحتياج الهائل. لكنه أكد في الوقت ذاته أن الاعتماد على جهود المجتمع المحلي كان الركيزة الأساسية التي ساهمت في إنجاز هذا العمل.
ولم تغفل الحديقة عن اللمسات الرمزية، فقد زُينت برسومات جدارية بديعة تجسد روح الحياة والسلام. من هذه الرسومات، لوحة لطفل يرفع علمًا تتطاير منه الطيور كرمز للأمل، وأخرى تصور صاروخًا سقط في الأرض ثم نبتت من مكانه الورود، في رسالة واضحة تؤكد أن الحياة تستمر وأن إرادة العيش تتفوق على الدمار.
وعبرت إحدى سيدات المدينة، وهي أم لطفلين، عن سعادة أطفالها الغامرة بالحديقة الجديدة، معتبرة أن هذا المكان أصبح متنفسًا حقيقيًا لهم بعد سنوات طويلة من الحرمان. وقالت في حديثها لـ سوريا 24 إن أطفالها ينتظرون بفارغ الصبر موعد الذهاب إلى الحديقة يوميًا، مضيفة: "منذ الإعلان عن افتتاحها، تغير مزاج أولادي كثيرًا، أصبح لديهم مكان آمن يلعبون فيه ويضحكون مع أطفال آخرين، وهذا ينعكس راحة وطمأنينة علينا كأهالٍ".
وأكدت أن توفر مساحة كهذه داخل داريا أعاد للأهالي شعور الطمأنينة، ومنح الأطفال جزءًا من طفولتهم التي سلبت منهم قسرًا خلال سنوات الحرب.
تأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة من المحاولات المحلية لإعادة إحياء الفضاءات العامة في داريا، وإعادة الاعتبار للبعد الإنساني والاجتماعي في مدينة أنهكتها سنوات الحرب. فالمبادرات التطوعية لا تزال تشكل ركيزة أساسية في تحسين الواقع الخدمي والمعيشي للسكان.
فما زالت داريا تعاني من آثار الدمار الواسع الذي خلفته سنوات القصف والحصار، حيث تعرضت أحياء كاملة فيها للتهدم، وتضررت بنيتها التحتية بشكل شبه كامل، بما في ذلك المرافق الخدمية والمساحات العامة.
وبعد انتهاء الصراع، بدأت المدينة تشهد عودة تدريجية للأهالي، وذلك على الرغم من غياب الخدمات الأساسية وافتقارها للحدائق والأماكن العامة التي تلبي احتياجات السكان، وخاصة الأطفال.
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي