الجهاز المركزي للرقابة المالية يكشف 246 قضية فساد ويسترد أموالاً ضخمة في عام من الإصلاح والتحول الرقمي


هذا الخبر بعنوان "عام من الإصلاح المؤسسي والتحول الرقمي في الجهاز المركزي للرقابة المالية" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٥ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
عمل الجهاز المركزي للرقابة المالية بوتيرة متصاعدة خلال عام 2025، مركزاً على أولويات استرداد حقوق الدولة والمواطنين، وكشف قضايا الفساد، وصون المال العام من الهدر. يأتي ذلك ضمن إطار مؤسسي أُعلن عنه مسبقاً، يهدف إلى تعزيز الحوكمة والمساءلة المالية، وتوثيق مسارات الإنفاق العام، وتقييم أثرها على الأداء المؤسسي وجودة الخدمات المقدمة.
صرح رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية، محمد عمر قديد، لوكالة سانا، أنه منذ مطلع العام الحالي، تم التحقيق في 246 قضية فساد مثبتة ضمن عدد من الجهات العامة، تعود إلى زمن النظام البائد. جاءت هذه التحقيقات نتيجة لأعمال التدقيق والمراجعة التي شملت قطاعات خدمية وإدارية ومالية متعددة. وأشار قديد إلى أن هذه القضايا تعكس حجم العمل الرقابي المنفذ والدور الذي يقوم به الجهاز في كشف مكامن الخلل والتجاوزات.
وفيما يتعلق بحالات الفساد والتجاوزات في تنفيذ النفقات العامة خلال عام 2024، أوضح قديد أن أعمال الرقابة والتدقيق التي نفذها مفتشو الجهاز أسفرت عن اكتشاف مخالفات وتجاوزات متعددة. جرى توثيق هذه المخالفات أصولاً، وإحالة العديد منها إلى الجهات المختصة للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين، وفقاً للأنظمة النافذة.
وحسب إحصائية لعمل الجهاز منذ تحرير سوريا ولغاية اليوم، حصلت وكالة سانا على نسخة منها، بلغ الحجم الإجمالي للفساد المالي المكتشف نحو 527 مليار ليرة سورية، إضافة إلى 3 ملايين و385 ألفاً و764 دولاراً أمريكياً، و140 ألفاً و774 يورو. في المقابل، بلغت الأموال التي تم تحصيلها فعلياً حتى تاريخه 75 مليار ليرة سورية، و308 آلاف و353 دولاراً أمريكياً، و68 ألفاً و480 يورو، وذلك في إطار الإجراءات التحفظية والتنفيذية المتخذة.
أما على صعيد الإجراءات القانونية والإدارية بحق المتورطين، فقد شملت إصدار 54 قرار منع مغادرة، وفرض 62 حجزاً احتياطياً على الأموال المنقولة وغير المنقولة، بما يضمن حقوق الدولة ويمنع تهريب الأموال أو التصرف بها، ويعكس جدية الجهاز في متابعة القضايا حتى مراحلها النهائية.
اعتمد جهاز الرقابة المالية خلال العام الماضي برنامجاً إصلاحياً متكاملاً، وفقاً لقديد، أعاد من خلاله هيكلة المؤسسة الرقابية ورفع جاهزيتها المهنية والتقنية، بما يعزز دورها في حماية المال العام ومكافحة الفساد خلال مرحلة التعافي الاقتصادي. شملت هذه الإصلاحات أربعة محاور جوهرية، كان في مقدمتها الإصلاح الهيكلي المؤسسي الشامل.
وفق الجهاز المركزي للرقابة المالية، تم تطوير الهيكل التنظيمي للجهاز لإنهاء حالة التداخل السابقة، ومنح الوحدات الرقابية استقلالية وقدرة أكبر على العمل. تم ذلك من خلال فصل مديريات الرقابة عن الموازنة والدراسات والمعلوماتية وربطها مباشرة برئيس الجهاز، إلى جانب إحداث مديريات تخصصية جديدة، مثل إدارة المخاطر وضمان الجودة، والمعهد المتخصص للتدريب الرقابي، إضافة إلى مديريات أخرى سيتم الإعلان عنها قريباً.
كما جرى تعزيز فروع الجهاز عبر استحداث أقسام فنية وإدارية ترفع القدرة الرقابية في المحافظات، إضافة إلى إعادة دمج وتوزيع المديريات داخل الإدارات الفنية لضمان تكامل الأدوار وجودة التنفيذ، وفصل مديرية الاعتماد عن التحقيق لضمان حيادية تدفق الأدلة الرقابية، وإحداث مديريات متابعة ضمن كل إدارة فنية لتعزيز الرقابة المركزية على أداء الفروع، بالتوازي مع إعادة توزيع المهام وضخ دماء جديدة في المواقع القيادية والميدانية.
في محور ثانٍ، تبنّى الجهاز المعايير الدولية للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الانتوساي" في مختلف مراحل العملية الرقابية، واعتمد التدقيق المبني على المخاطر لتوجيه الموارد الرقابية نحو بؤر الهدر الأعلى أثراً، مع تحسين جودة التقارير الرقابية، حيث تتحول نتائجها إلى إجراءات تصحيحية ملموسة، لا مجرد ملاحظات إدارية.
وشكل التحول الرقمي الرقابي المحور الثالث من الإصلاحات، حيث وضع الجهاز رؤية شاملة للانتقال التدريجي نحو التدقيق الإلكتروني الذكي. شملت هذه الرؤية تحديث الموقع الإلكتروني، وتطوير نظام إلكتروني متكامل لإدارة دورة المهمة الرقابية، وإنشاء نظام للمراسلات الإلكترونية، ومنصات للشكاوى والتعلم عن بعد، وتعميم استخدام الحاسوب، وتقليل الاعتماد على المستند الورقي، وتسريع تدفق المعلومات بين المركز والفروع عبر الربط الشبكي.
في المحور الرابع، عمل الجهاز على تكريس الشفافية وتعزيز الإفصاح الرقابي، من خلال إطلاق منصة الشكاوى الإلكترونية لاستقبال البلاغات من المواطنين والموظفين بموثوقية وسرعة، واعتماد نشر تقارير رقابية جزئية بشكل دوري لإطلاع الرأي العام على نتائج الرقابة والإجراءات المتخذة، بما يعزز المساءلة المجتمعية ويعيد الثقة بالرقابة العامة.
وفي مجال بناء القدرات، أوضح قديد أن الجهاز نفذ خلال العام الحالي حزمة متكاملة من برامج التدريب والتأهيل لرفع الجاهزية المهنية لكوادره. فعلى المستوى الدولي، شارك كادر الجهاز في لقاءات تدريبية في قطر والكويت والسعودية، تناولت التحول الرقمي، والحوكمة الذكية، وكشف الاحتيال في المناقصات، والحصول على شهادة الزمالة للمدقق العربي المعتمد. وعلى المستوى المؤسسي، خضع كادر الجهاز، وفقاً لقديد، إلى ما يقارب 38 دورة تدريبية تخصصية، تُوّجت بحصول الجهاز على ثلاث جوائز في مسابقة البحث العلمي الرابعة عشرة على مستوى المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأربوساي".
أما على صعيد الشراكة المؤسسية، فأوضح رئيس الجهاز أن العمل الرقابي في الدولة يقوم على شراكة مؤسسية بين الجهاز المركزي للرقابة المالية، والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش. ورغم تعدد القنوات التي يتم عبرها كشف قضايا الفساد، إلا أن الهدف واحد وهو حماية المال العام وترسيخ النزاهة. ولهذا يتم التعامل مع القضايا المتداخلة من خلال تنسيق مستمر ومذكرات تفاهم تضمن توحيد الجهود وعدم ازدواجية الإجراءات، وبما يحقق أعلى درجات الكفاءة في التحقيق والمتابعة واتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة.
كشف رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية أن الخطة المعتمدة لتعزيز كفاءة الرقابة خلال السنوات القادمة ترتكز على التحول الرقمي الشامل عبر تطوير أنظمة رقابية إلكترونية وقواعد بيانات مركزية، وتوحيد المنهجيات الرقابية وفق معايير "الانتوساي" والرقابة المبنية على المخاطر، إلى جانب التركيز على تطوير القدرات البشرية وبناء جيل رقابي مؤهل، وتوسيع المنصات الرقمية.
وفيما يتعلق بالموازنة العامة، أكد قديد أن مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2026 لم يُعرض حتى تاريخه على الجهاز بغرض المناقشة، مشيراً إلى أن اختصاص الجهاز يتركز على الرقابة على تنفيذ الموازنة بعد صدورها ومراجعة الحساب الختامي للدولة. كما أوضح أن مشروع قانون قطع الحساب الختامي للموازنة العامة لعام 2024 لم يكتمل بعد، لعدم اكتمال البيانات المالية من جميع الجهات المعنية.
ويظهر التطور الرقابي في الجهاز المركزي للرقابة المالية خلال العام مساراً نحو تحول رقابي تقني يعتمد على المعايير الدولية، بالتوازي مع استمرار التحقيق في القضايا وتوثيق الإنفاق، وتعزيز القدرات البشرية والأنظمة الرقمية وتوسيع قنوات التواصل مع المجتمع كأولوية أساسية لضمان جودة الخدمات وتقليل الهدر.
سياسة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد