عيد الميلاد في حلب: مزيج فريد من الطقوس العائلية والنشاط الاقتصادي


هذا الخبر بعنوان "عيد الميلاد في حلب.. طقوس وعادات" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تستقبل العديد من العائلات في مدينة حلب أجواء عيد الميلاد كمناسبة فريدة تمزج بين متطلبات العمل اليومي ودفء اللقاءات العائلية، وبين الممارسات المهنية والتمسك بالطقوس الاجتماعية والدينية العريقة. في أحد أحياء المدينة، تدير سيدة محل حلويات مشروعها العائلي الذي تحول بمرور الوقت إلى فضاء مشترك يجمع أفراد الأسرة حول العمل، تمامًا كما يجمعهم حول بهجة العيد.
تشير صاحبة المحل إلى أن فترة الأعياد تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب على الحلويات، مما يستدعي استعدادات مبكرة تشمل تأمين المواد الأولية، وتنظيم سير العمل، وإعداد تشكيلة واسعة ومتنوعة من المنتجات. وتؤكد على أن الجودة والنظافة تشكلان أولوية قصوى، فسمعة المحل هي رأس ماله الحقيقي. يتقاسم أفراد الأسرة الأدوار بانسجام؛ حيث يتولى الزوج مهمة استقبال الطلبات والتعامل مع الزبائن، بينما يشارك الأبناء في عمليات التحضير والتغليف وترتيب المحل. وعلى الرغم من ساعات العمل الطويلة، تعبر صاحبة المحل عن شعورها بالرضا الذي يخفف من وطأة التعب، خاصة عندما يغادر الزبائن وهم راضون عن الخدمة والمنتجات. وتعتبر العيد بالنسبة لها مزيجًا من الجهد والبركة، إذ يمنحها فرصة للعمل جنبًا إلى جنب مع عائلتها في مكان واحد، محولًا المشروع من مجرد نشاط اقتصادي إلى تجربة عائلية واجتماعية غنية.
إلى جانب هذا البعد العملي، يحتل العيد، وخاصة عيد الميلاد، مكانة خاصة في الوجدان الحلبي. تبدأ الاستعدادات له بفترة الصيام لدى العائلات المسيحية، والتي تُعد محطة روحية تسبق الاحتفال. ومع اقتراب العيد، تُزين المنازل وتُعلق أشجار الميلاد، وتُضاء الأنوار في البيوت والشوارع، في مشهد يعكس طابعًا احتفاليًا دافئًا يلف المدينة. تُعد ليلة العيد محطة مركزية، حيث تتجه العائلات إلى الكنائس للمشاركة في قداس الميلاد والاستماع إلى الترانيم، قبل العودة إلى منازلها للاحتفال ضمن نطاق الأسرة. وفي اليوم التالي، تبدأ الزيارات العائلية والاجتماعية، حيث تُفتح البيوت للأقارب والأصدقاء، وتُقدم القهوة والحلويات، وتُتبادل التهاني الحارة.
في السياق ذاته، يشير أوهانيس شهريان إلى أن رأس السنة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعيد الميلاد لدى العديد من العائلات في حلب، مؤكدًا أن «هذا اليوم هو قبل كل شيء يوم لمة العائلة». ويوضح أن من أبرز عادات أهالي حلب في هذا اليوم التركيز على المأكولات التراثية التي تعكس هوية المدينة وذاكرتها الاجتماعية، مثل الكبة بأنواعها المتعددة، ولا سيما الكبة المقلية، بالإضافة إلى اليبرق (ورق العنب)، والأوزي، والمنسف الحلبي. كما تُقدم الحلويات التقليدية كالبقلاوة وغيرها من الأصناف الشهية، وتشتهر المدينة بتقديم الفواكه المجففة التي تُعد جزءًا لا يتجزأ من طقوس العيد. ويؤكد شهريان أن لكل منطقة عاداتها الخاصة، غير أن القاسم المشترك في حلب يبقى في الأجواء العامة التي تطغى عليها لمة الأهل والأقارب، وتبادل المعايدات، وروح الألفة التي تسود بين الناس.
بهذا المعنى، يتجلى العيد في حلب كمساحة فريدة تلتقي فيها الأبعاد الاقتصادية بالاجتماعية، والمهنية بالإنسانية، في صورة تعكس جانبًا حيويًا من حياة المدينة وأهلها في واحدة من أكثر لحظاتها عمقًا ودلالة.
ثقافة
سوريا محلي
ثقافة
سوريا محلي