سوريا 2025: مسار سياسي معقد بين اتفاقات تاريخية وانتقادات حادة ومطالب بالانفصال والفدرالية


هذا الخبر بعنوان "مسار سياسي متعثر بين الاتفاقات والانتقادات.. سوريا في 2025" نشر أولاً على موقع North Press وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
شهدت سوريا خلال عام 2025، في أعقاب سقوط النظام السوري السابق، سلسلة من التطورات السياسية التي وُصفت بعضُها بالتاريخية. كان أبرز هذه التطورات الاتفاق الذي وُقّع في العاشر من آذار بين رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الجنرال مظلوم عبدي. في المقابل، رافقت محطات سياسية أخرى، مثل تشكيل حكومة مؤقتة ثم حكومة انتقالية وإجراء انتخابات مجلس الشعب، موجة واسعة من الانتقادات والاعتراضات. ومع مرور عام على سقوط النظام، لا تزال المفاوضات مستمرة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، في وقت تطالب فيه محافظة السويداء بحق تقرير المصير والانفصال، بينما ترتفع في الساحل السوري مطالب بتطبيق نظام فيدرالي.
تشكيل حكومة مؤقتة
بعد يومين من سقوط النظام، أُعلن عن تشكيل حكومة تصريف أعمال مؤقتة لإدارة البلاد، وذلك عقب اجتماع عُقد في العاصمة دمشق. وفي شباط/فبراير 2025، اجتمعت فصائل شاركت في عملية “ردع العدوان”، وأقرت حل نفسها وتولية أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية، مع تعطيل الدستور وحل مجلس الشعب. وقد انتقدت جهات سورية عدة “مؤتمر النصر”، مشيرة إلى أن الشارع السوري كان ينتظر عقد مؤتمر وطني جامع يضع الأسس لصياغة دستور توافقي وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. كما شددت جهات سياسية، منها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، على أن القرارات المصيرية كان ينبغي أن تصدر عن مؤتمر وطني يضم جميع المكونات والطوائف والشرائح السورية، بما في ذلك النساء والشباب.
اتفاق العاشر من آذار
في العاشر من آذار، جرى توقيع اتفاق وُصف “بالتاريخي” بين رئاسة المرحلة الانتقالية أحمد الشرع وقائد (قسد) الجنرال مظلوم عبدي. تضمن الاتفاق ثمانية بنود رئيسية، أبرزها: ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية ومؤسسات الدولة على أساس الكفاءة، واعتبار المجتمع الكردي مكوّناً أصيلاً في الدولة السورية وضمان حقوقه الدستورية، ووقف إطلاق النار في جميع الأراضي السورية، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما في ذلك المعابر والمطارات وحقول النفط والغاز، وضمان عودة المهجرين وتأمين حمايتهم، ودعم الدولة في مكافحة فلول النظام السابق وكل ما يهدد أمنها ووحدتها، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة. ورغم عدة جولات من المفاوضات بين (قسد) ودمشق، وتعثر الوصول إلى إعلان رسمي لتنفيذ بنود اتفاق العاشر من آذار، لا تزال المفاوضات جارية حول آليات تنفيذ هذا الاتفاق.
تشكيل حكومة انتقالية
في 30 آذار/مارس 2025، أُعلن عن تشكيلة الحكومة السورية الانتقالية، واعتُبر الإعلان تعبيراً عن إرادة لبناء دولة جديدة، وفق القائمين عليه. وخلال مراسم الإعلان في دمشق، جرى التأكيد على أن البلاد تواجه تحديات كبيرة تتطلب التلاحم والوحدة، مع التعهد بإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس المساءلة والشفافية، وفتح آفاق جديدة في قطاعي التعليم والصحة. غير أن هذا الإعلان أثار جدلاً واسعاً، لا سيما في الأوساط الكردية والدرزية والعلوية، حيث اعتُبر أن الدستور المقترح لا ينسجم مع التفاهمات السابقة، ويمثل تراجعاً عنها. كما عبّرت المرجعية الدينية لطائفة الموحدين الدروز عن رفضها للحكومة الحالية، ووصفتها بأنها “متطرفة”، مؤكدة عدم القبول بأي توافق مع السلطة القائمة.
اعتراضات على الإعلان الدستوري
منذ صدور الإعلان الدستوري الجديد، الذي وقعه الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، لقي موجة واسعة من المعارضات والاحتجاجات، ومطالب بإعادة صياغته وتعديله. جاء الرد الدرزي على لسان الشيخ حكمت الهجري، الذي قال حينها: “نرفض الإعلان الدستوري ونطالب بإعادة صياغته ليؤسس لنظام ديمقراطي تشاركي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية التاريخية والثقافية للبلاد”. وطالب بأن يضمن الإعلان الدستوري استقلالية وفصل السلطات، وتوسيع صلاحيات الإدارات المحلية، والحد من الصلاحيات “الاستئثارية” لرئاسة الجمهورية. ومنذ ذلك الحين، نظم سكان في السويداء جنوبي سوريا، لأكثر من مرة مظاهرات، للمطالبة بـ “استقلال وتقرير المصير”. جاءت دعوة الدروز في الاستقلال بعد هجوم واسع تعرضت له السويداء، خلّف حالة من الغضب والاحتقان بين الأهالي، وسط دعوات متزايدة لمحاسبة المسؤولين عن العنف وحماية المدنيين في المنطقة.
الساحل السوري والمطالبة بالفدرالية
وفي الساحل السوري، خرجت لأكثر من مرة مظاهرات للمطالبة باللامركزية، والإفراج عن المعتقلين، ووقف حالات الخطف والقتل. وجاءت هذه المظاهرات عقب دعوة أطلقها الرئيس الروحي للمجلس العلوي الأعلى في سوريا، غزال غزال، للمطالبة بـ“الفدرالية واللامركزية السياسية، ووقف التطهير العرقي والقتل والخطف والسبي، وإخراج المعتقلين من السجون”. ووفق متابعين، يبدو المشهد السوري بعد عام على سقوط النظام السابق أكثر تعقيداً وتشظياً، ففي ظل غياب توافق وطني جامع وآليات تنفيذ واضحة، لا تزال البلاد تقف عند مفترق طرق حاسم، تتداخل فيه فرص بناء دولة جديدة مع مخاطر إعادة إنتاج أزمات الماضي بصيغ مختلفة.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة