أزمة الإيجارات الخانقة في حمص: دعوات لترخيص البسطات وإنشاء بازارات شعبية لإنقاذ الاقتصاد المحلي


هذا الخبر بعنوان "حمص تحت ضغط الإيجارات المرتفعة ودعوات لترخيص البسطات كحل بديل" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تشهد مدينة حمص تصاعداً ملحوظاً في المطالبات الشعبية والاقتصادية الداعية إلى ترخيص البسطات والأكشاك. يأتي هذا المطلب كحل إسعافي مقترح لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة، وذلك في ظل الارتفاع غير المسبوق الذي طرأ على إيجارات المحال التجارية، وما صاحبه من تراجع في القدرة الشرائية وركود في الحركة الاقتصادية ضمن الأسواق الرئيسية بالمدينة.
في قلب المدينة، تظهر عشرات المحال التجارية مغلقة الأبواب، لا تشهد بيعاً ولا تأجيراً ولا تشغيلاً، مما يرسم صورة واضحة لحجم الاختناق الذي يعانيه القطاع التجاري. يلفت مواطنون وتجار الانتباه إلى مفارقة غريبة، حيث يطالب أصحاب بعض المحال بإيجارات تصل إلى 800 دولار شهرياً، على الرغم من إقرارهم بعدم وجود حركة بيع حقيقية أو جدوى اقتصادية تبرر هذه المبالغ. وفي سياق متصل، يتداول الشباب الحمصي قصة صديق اضطر لمغادرة حمص والتوجه إلى دمشق بحثاً عن فرصة عمل، بعد أن يئس من إيجاد محل مناسب يمكنه من إطلاق مشروع صغير يؤمّن له دخلاً أساسياً.
من جانبه، وصف الناشط المدني إحسان أتاسي، في حديث لمنصة سوريا 24، الوضع الذي يواجهه تجار حمص بأنه "منافسة غير عادلة". وأوضح أن هذه المنافسة تنجم عن تلقي أصحاب العقارات عروض إيجار مرتفعة من تجار وافدين من خارج المدينة، الأمر الذي يدفعهم للضغط على المستأجرين الحاليين، ومعظمهم من أبناء المحافظة، إما لقبول رفع الإيجارات أو الإخلاء.
وبيّن أتاسي أن هذه الظاهرة تتسبب في فقدان التاجر الحمصي لمحله، وتزيد من حدة التوتر داخل السوق، كما تؤدي إلى احتكار التجارة من قبل فئات محددة. وحذر من أن ذلك سيحدث خللاً واضحاً في الدورة الاقتصادية المحلية، وستكون انعكاساته محسوسة على مدار العام المقبل.
ويرى عدد من أبناء المدينة أن خطورة المشهد الاقتصادي الراهن لا تقتصر على ارتفاع الإيجارات فحسب، بل تتفاقم بسبب توقيته الحرج. فمدينة حمص تمر بظروف اقتصادية قاسية تتجلى في قلة عدد السكان، وضعف البنى التحتية، وتراجع النشاط الاقتصادي المحلي. ويطلق هؤلاء تحذيرات من أن استمرار هذه السياسة قد يؤدي إلى إفراغ الأسواق من تجارها الأصليين، وارتفاع الأسعار إلى مستويات غير واقعية، مما يضعف الاقتصاد المحلي في وقت هو بأمسّ الحاجة إلى التعافي.
على الرغم من إقرارهم بأهمية الاستثمار الخارجي ودوره في تنشيط الأسواق، يشدد ناشطون وتجار على رفضهم للأسلوب الحالي في التعامل مع هذا الملف، والذي يرون أنه يأتي على حساب من صمدوا في وجه الحرب والركود لسنوات طويلة. ويطالبون بتدخل الجهات المحلية لضبط السوق ووضع حدود واضحة لإيجارات المحال، بهدف تحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار وحماية التاجر المحلي.
في هذا السياق، تصاعدت الدعوات المطالبة بترخيص الأكشاك والبسطات ضمن إطار قانوني ومنظم، كونها تمثل حلاً عملياً لدعم المشاريع الصغيرة. واقترح إحسان أتاسي فكرة إنشاء "بازارات" أو أسواق شعبية في كل منطقة، تُفتح لأيام محددة في الأسبوع، وتُؤجر بسطاتها للراغبين بأسعار مناسبة. من شأن هذا الاقتراح أن يوفر فرص عمل ويخفف الضغط عن الأسواق المركزية.
كما طرح اقتراحاً آخر يتمثل في تنظيم عملية تأجير المحال داخل المناطق التجارية الرئيسية، وذلك بمنح الأولوية لأبناء المدينة، وتوجيه المستثمرين القادمين من خارجها إلى محال تقع خارج مراكز الأسواق، كبعض أحياء التوسع العمراني.
بدوره، أكد الناشط المجتمعي والإنساني نضال العكيدي، في حديث لمنصة سوريا 24، أن الواقع الاقتصادي في حمص يشهد حالة من الفوضى العارمة، بسبب الغياب الواضح للرقابة وضبط الأسعار والتفتيش. وأوضح العكيدي أن الأحاديث عن مشاريع كبرى وإعادة إعمار لا تنعكس بشكل فعلي على حياة المواطنين، إذ تذهب معظم العقود لمؤسسات وشركات ضخمة أو لتجار من خارج المدينة، بينما لا يلمس المواطن أي تحسن ملموس على أرض الواقع.
وأضاف العكيدي أن هذا الواقع دفع بالعديد من السكان إلى البحث عن مصادر رزق أبسط، عبر اللجوء إلى المشاريع الصغيرة والأكشاك، وذلك على الرغم من الصعوبات الكبيرة والمعاناة المؤلمة التي ترافق محاولات تنظيمها أو ترخيصها.
يجمع متابعون للشأن الاقتصادي في حمص على ضرورة التدخل الرسمي العاجل، مطالبين بتحرك كل من غرفة التجارة والصناعة، والمحافظة، ومجلس المدينة. ويهدف هذا التحرك إلى وضع ضوابط واضحة لسوق الإيجارات، وتشكيل لجان تمثل أصحاب المحال والمستأجرين والمستثمرين، بهدف إيصال صوتهم للجهات المعنية ومنع تفاقم الأزمة.
ويرى هؤلاء أن إعادة إحياء اقتصاد حمص تتطلب تبني سياسات محلية عادلة، من شأنها أن تعيد الاعتبار للتاجر الحمصي، وتحمي الأسواق من الاحتكار، وتفتح المجال أمام المشاريع الصغيرة لتكون رافعة حقيقية للتعافي الاقتصادي في المدينة.
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد