قسد تلاحق الصحفيين في مناطق سيطرتها: اعتقالات وتهم بالتجسس تقوض حرية التعبير شمال شرقي سوريا


هذا الخبر بعنوان "إعلام خلف الخطوط.. استخبارات “قسد” تضيق على الصحفيين" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
يواجه الصحفيون والناشطون في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرقي سوريا تحديات متزايدة وقيودًا مشددة على ممارسة العمل الإعلامي، وفقًا لشهادات إعلاميين محليين تحدثوا إلى عنب بلدي. ففي هذه المناطق، تتحول الكاميرات ومعدات التوثيق، التي هي أدوات لنقل الواقع، إلى أسباب للاستدعاء والتحقيق، غالبًا تحت اتهامات مثل التجسس أو التواصل مع جهات خارجية. وتتخذ القوات الأمنية إجراءات صارمة، بما في ذلك حملات الدهم والتفتيش للهواتف والمعدات، عند نشر أي مواد مصورة تتعلق بالمعتقلين أو الاحتجاجات الشعبية، دون مراعاة للقوانين.
من أحدث هذه الحالات، اعتقال الصحفي فراس البرجس في 8 من كانون الأول الحالي، وهو ما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان وأكده مراسل عنب بلدي في دير الزور. وقد قامت دورية أمنية تابعة لـقسد باعتقال البرجس من مكان سكنه في منطقة المساكن الشبابية بمدينة الرقة، وهي مساكن مخصصة للإعلاميين، دون إبراز مذكرة اعتقال رسمية. ولا يزال البرجس محتجزًا حتى لحظة تحرير هذا التقرير.
ووجهت قسد لـالبرجس تهمًا تتعلق بـ"التعامل الإعلامي مع جهات تابعة للحكومة السورية". وبحسب مراسل عنب بلدي في دير الزور، سيتم تحويل ملف البرجس إلى محكمة الإرهاب التابعة لـالإدارة الذاتية في المدينة.
تشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن محكمة الإرهاب المنشأة في مناطق سيطرة قسد هي محكمة استثنائية، تتشابه في طبيعتها مع محكمة الإرهاب التي أنشأها نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. وتفتقر هذه المحكمة إلى الأساس الدستوري والقانوني الواضح، وتعتمد تعريفات فضفاضة لمفهوم الإرهاب، وتنقص من ضمانات المحاكمة العادلة، مما يجعلها أداة قضائية ذات طابع أمني تعمل خارج إطار القضاء الطبيعي.
وفي 23 من كانون الأول، أفادت مصادر محلية وإعلامية من دير الزور لـعنب بلدي بتدهور الحالة الصحية لـالبرجس في سجون قسد، مما استدعى نقله إلى المستشفى العسكري وسط حراسة أمنية مشددة.
استنكر الصحفي مؤيد السحور ما وصفه بـ"الصمت المطبق" حيال قضية البرجس. واعتبر السحور، في حديثه لـعنب بلدي، أن غياب التضامن مع الزميل المعتقل يكشف عن "ازدواجية معايير" لدى المنظمات والجهات التي تدعي الدفاع عن حرية الصحافة. وأوضح السحور أن "فراس البرجس يُعاقب اليوم بسبب مهنته، ونقله إلى المستشفى العسكري يعكس حجم المعاناة التي يواجهها في المعتقل".
وأضاف السحور أنه لو كانت القضية مرتبطة بجهة اعتقال أخرى، "لتحولت إلى قضية رأي عام واكتسحت منصات التواصل الاجتماعي"، منتقدًا ما وصفه بـ"الانتقائية الإنسانية" في التعامل مع انتهاكات حرية التعبير. وطالب السحور بضرورة رفع الصوت عاليًا للإفراج الفوري عن البرجس، محملًا قسد المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته الجسدية، وداعيًا الجسم الصحفي السوري إلى التخلي عن الحسابات السياسية عندما يتعلق الأمر بحرية وسلامة الزملاء.
يعيش الصحفيون في مناطق سيطرة قسد حالة من الترقب المستمر، وسط بيئة عمل يصفونها بأنها "عدائية" وتفتقر لأدنى مقومات حرية التعبير. فقد بات نقل الواقع المعيشي أو توثيق الانتهاكات بمثابة مغامرة قد تنتهي في أروقة التحقيق لدى الأجهزة الأمنية. وقد حاولت عنب بلدي التواصل مع المركز الإعلامي لـ”قسد” للحصول على توضيح بخصوص الموضوع، إلا أنها لم تتلق ردًا حتى لحظة تحرير هذا التقرير.
يروي أحد الصحفيين العاملين في المنطقة (فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية) لـعنب بلدي كيف تحول تقرير صحفي يتناول "جودة الخبز" إلى قضية أمنية استدعت تدخل جهاز الاستخبارات التابع لـقسد. وقال الصحفي: "جرى استدعائي عدة مرات مع مجموعة من الزملاء للتحقيق المطول، وكان المحققون يسعون لمعرفة هوية الجهة التي طلبت التقرير، واضطررنا للإنكار وإبعاد الشبهات عن أنفسنا بشتى الوسائل لتجنب الاعتقال التعسفي، رغم أننا نحن من قمنا بتصوير وإعداد المادة التي تعكس معاناة الأهالي اليومية".
لا تقتصر المضايقات على الأجهزة الأمنية المباشرة، بل تمتد لتشمل مكاتب الإعلام المدنية التابعة لـالإدارة الذاتية، والتي تمارس دور الرقيب الأمني على الصحفيين بدلًا من الدور التنسيقي. وبحسب شهادات متقاطعة من إعلاميين يعملون ضمن مناطق سيطرة قسد، فإن أي تقرير يُعرض على منصات أو وسائل إعلام لا تنسجم مع رواية القوات وتوجهاتها يؤدي إلى استنفار مكاتب الإعلام، التي تبدأ فورًا بملاحقة المصورين الميدانيين. ويؤكد الصحفيون أن التهم الجاهزة غالبًا ما تُلقى على الصحفيين بناءً على "خلافات شخصية" أو "كيدية"، الأمر الذي يحول العمل الصحفي في المنطقة إلى "اضطهاد ممنهج".
يعيش الصحفيون الذين قابلتهم عنب بلدي في هذه المناطق ما يصفونه بـ"انفصام مهني قسري". فبينما يظهرون أمام الحكومة السورية ومعارفهم في مناطق سيطرتها كعاملين في منصات تابعة لـقسد أو مرخصة من قبلها، يعمل الكثير منهم "خلف الخطوط" لنقل الحقائق والانتهاكات والاعتقالات التعسفية التي تقوم بها قسد إلى وسائل إعلام خارجية ومعارضة، بالإضافة للتنسيق مع منصات مختلفة لنقل صوت الشارع في تلك المناطق. ويعتقد كثيرون أن المراسلين والصحفيين جزء من منظومة قسد الإعلامية، لكن الحقيقة، بحسب من قابلتهم عنب بلدي، هي أنهم يخاطرون بحياتهم لنقل الواقع كما هو، بعيدًا عن "البروباغندا التي تحاول السلطات هناك فرضها".
تفتقر مناطق الإدارة الذاتية، بحسب الصحفيين، لقوانين تحميهم من تغول الأجهزة الأمنية. ورغم وجود مكاتب إعلامية واتحادات مهنية، إلا أنها تظل عاجزة عن التدخل في حال كان الخصم هو "الاستخبارات". ويبقى التنافس بين الصحفيين في هذه المناطق محكومًا بالخوف والتقارير الكيدية، في بيئة يصفها العاملون فيها بأنها "سجن كبير" يُمنع فيه تسليط الضوء على معاناة الأهالي أو انتقاد السياسات المتبعة، مما يدفع العمل الصحفي نحو "السرية" التامة خوفًا من الملاحقة أو التغييب.
وقد وثقت حالات اعتقال سابقة، منها:
كما اعتقلت قسد عاملًا في منظمة أممية بـالرقة مرتبطًا بملفات فساد.
سياسة
سياسة
اقتصاد
اقتصاد