أزمة تلو الأخرى: انهيار حقوق البث يفاقم معاناة الدوري الفرنسي لكرة القدم

تستمر أسهم الدوري الفرنسي لكرة القدم بالتراجع منذ أزمة كورونا. «ليغ 1» الذي خرج قبل أشهر من دائرة الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا، تلقّى أخيراً صفعةً جديدة طالت عقود الرعاية التلفزيونية، ما يزيد صعوبة الوضع أمام أنديته التي تعاني سلفاً.

منذ مدة التحضير للموسم الجاري، سادت الضبابية حول مستقبل البث الكروي في «ليغ 1» عقب انهيار العلاقة مع شريكه القديم «كانال+». لتفادي الأزمة، وقّعت رابطة الدوري الفرنسي في النهاية عقداً مع منصة البث البريطانية «DAZN» وشبكة «beIN Sports» القطرية مقابل 500 مليون يورو سنوياً لتغطية المدة بين عامَي 2024 و2029، تدفع بموجبه الشركة البريطانية 400 مليون يورو لبث ثماني مباريات في اليوم، بينما تدفع القناة القطرية 100 مليون يورو لبث مباراة الساعة الخامسة مساءً (بتوقيت فرنسا) يوم السبت.

صفقةٌ لم ترقَ حينها إلى التوقعات، ولكنها جعلت الأندية الفرنسية تلتقط شيئاً من أنفاسها بالحد الأدنى، خاصةً أن نصف ميزانيات الفرق في المتوسط ​​​​على مدى السنوات العشر الماضية جاءَ من حقوق البث التلفزيوني. مع ذلك، لم تدم الفرحة طويلاً إثر فسخ DAZN العقد.

وفقاً لصحيفة «L›Equipe» الفرنسية، هناك سببان رئيسيان وراء إنهاء المنصة البريطانية عقد البث قبل الموعد المحدد. أولاً، لم تتلقَّ المنصة دعماً كافياً في مكافحة القرصنة، حيث شاهد 500 ألف شخص فقط المباريات بشكل قانوني في بلدٍ يفوق عدد سكانه 68 مليون نسمة. أما السبب الثاني، فيتعلّق برغبة DAZN في إنتاج ونشر المزيد من المحتوى الحصري المخصص للدوري، ولكن الأندية لم تكن مستعدة للموافقة على هذه الشروط.

نتيجةً لذلك، أصبحت المنصة مُلزمة بدفع غرامة قدرها 100 مليون يورو. في الوقت نفسه، التزمت DAZN بسداد جميع الأقساط المستحقة عن المدة السابقة، والبالغة 140 مليون يورو، علماً أنه سيتم عرض القضية بين الناقل والرابطة على مجلس إدارة رابطة الدوري الفرنسي لكرة القدم في الثاني من مايو/أيار، مع احتمال وصولها إلى المحاكم.

كانت أندية الدوري الفرنسي قد شجّعت في اجتماعٍ عُقد يوم الثلاثاء على الانفصال مع DAZN، داعمةً رغبة الرابطة في إطلاق قناتها الناقلة الخاصة. لكن «المعمعة» الحاصلة تؤخر أي مشروع مطروح، وتهدد تباعاً مستقبل الموسم الكروي المقبل.

بعد فسخ العقد، رفضت DAZN، التي أسسها رجل الأعمال البريطاني-الأمريكي لين بلافاتنيك عام 2007، التسوية المتمثلة بدفع غرامة الـ100 مليون يورو، تاركةً أعلى درجتين في كرة القدم الفرنسية في موقفين غير مؤكدين.

وقالت DAZN لصحيفة «L›Equipe»: «القدوم إلى فرنسا وخسارة الأموال ثم التوقف بعد عام واحد أمرٌ غير منطقي. نحن مقتنعون بأنه في سياق مشروع قناة الدوري الفرنسي، يمكننا تقديم قيمة مضافة كبيرة»، في إشارةٍ إلى إمكانية إعفاء القناة البريطانية من الغرامة إذا تعاونت مع الدوري بمجرد إطلاقه قناته الخاصة.

هذه هي المرة الثانية التي يجد فيها الدوري الفرنسي نفسه في هذا الوضع خلال خمس سنوات، حيث كانت المرة الأولى عندما انهارت صفقة بقيمة مليار يورو سنوياً مع شركة «ميديا ​​برو» الإسبانية في غضون أشهر من بداية موسم 2020-2021. تقدمت بعدها أمازون برايم وكانال+ للحفاظ على بث الدوري الفرنسي على الشاشات الفرنسية آنذاك، ولكن بنصف المبلغ الذي وعدت به ميديا ​​برو، ثم استحوذت DAZN على غالبية المباريات.

لا يزال مستقبل البث في الدوري الفرنسي غير واضح. رغم رغبة الرابطة الكروية في البلاد إنشاء قناتها الخاصة، إلا أن الأمر يتطلب وقتاً قد لا يكون في مصلحة الأندية الفرنسية، من دون إغفال الإجراءات الصعبة التي تتعلّق بالتسويات مع DAZN وbeIN Sports. قد تكون القناتين البريطانية والقطرية على استعداد للقبول بالتسوية مقابل الحصول على امتيازات في قناة الدوري المرتقبة، إلا أنه لا شيء مضموناً حتى اللحظة. الأكيد هو أن كرة القدم الفرنسية تعيش حالة من الغموض، عاجزةً عن وضع ميزانياتها، ومتوترة بشأن مستقبلها، ما سينعكس سلباً على الأندية والمنتخب الوطني.