الأحد, 4 مايو 2025 08:53 PM

الخصخصة في الدول العربية: هل هي الحل أم بداية النهاية؟ تجارب مصر وتركيا كنموذج

الخصخصة في الدول العربية: هل هي الحل أم بداية النهاية؟ تجارب مصر وتركيا كنموذج

لا تزال الخصخصة عنواناً طاغياً في الدول العربية، وقد أطلت مؤخراً برأسها في لبنان. يبدو أن الحكومة الجديدة تتجه لخصخصة ما تبقى لدى الدولة من قطاعات اقتصادية خدمية لتأمين بضعة مليارات ضرورية لإخراج لبنان من أزماته المالية والنقدية والتنموية، بالإضافة إلى استئناف المساعي لاستجرار قرض من صندوق النقد الدولي بشروط يؤكد الخبراء بأنها ستضع لبنان في قبضة المنظمات الدولية إلى أمد بعيد جداً!

من الملفت، أنه ما من حكومة لبنانية أجابت على سؤال بديهي جداً: ماذا استفاد البلد من الخصخصة ومن القروض الخارجية؟ ولعل السؤال الأكثر أهمية: ماذا حصدت الدول الأخرى في المنطقة من خصخصة قطاعاتها؟ أمامنا عدة تجارب للخصخصة أبرزها المصرية والتركية، وتشير المؤشرات الرقمية في البلدين أنهما يعانيان من التضخم والانكماش وعجز كبير في تسديد القروض الخارجية التي استجروها خلال حقبة الخصخصة وما بعد الخصخصة!

في مصر تسعى الحكومة منذ عامين لاستجرار قروض جديدة من الصندوق الدولي من جهة، وبيع قطاعات حكومية جديدة من جهة أخرى سواء لسد العجز في القطع الأجنبي اللازم للمستوردات أو لسداد فوائد الديون! ولا يختلف الوضع كثيراً في تركيا، فعلى الرغم من الازدهار والانتعاش الاقتصادي ونمو الصادرات فإن حكومتها تعاني أيضاً من تزايد دينها الخارجي والداخلي، وتسعى على مدار العام لاستجرار قروض جديدة لتسديد أقساطها.

الخصخصة ليست شراً بالضرورة، لكنها لا تناسب الدول النامية والمتخلفة، فحتى اقتصاد تركيا وهو الأقوى في المنطقة بات في قبضة قوى خارجية، ويشهد أزمات مفاجئة في كل مرة ترفض فيه الحكومة التركية التوجيهات الخارجية! ويؤكد الخبراء أن قوى دولية تشجع كل الدول على استجرار القروض لإغراقها في الديون، كي تتحكم في سياساتها.

مع أن بعض الدول لديها ثروات تتيح لها بعد استثمارها سداد ديونها وإطلاق عملية نمو واسعة، فإن قوى خارجية تمنعها من الاستفادة منها، كما هو حاصل في لبنان، أو تمنع قدوم الاستثمارات الأجنبية والخليجية إليها كما هو الحال في مصر، بل يكفي أن تهدد أي بلد بمنع الاستثمارات والقروض والمساعدات كي تفجر فيه أزمات مالية ونقدية في حال قرر تبني سياسات معارضة.

نعم، كل من سار على طريق الخصخصة اكتشف سريعاً أنه سلك مساراً يفرض عليه المزيد من الخصخصة والمزيد من القروض، واللهاث وراء المساعدات الهزيلة. الخلاصة: حبذا لو تقف الحكومات اللاهثة وراء الخصخة مطولاً أمام قرار الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن الذي رفض بيع واحدة من أكبر شركات صناعة الصلب الأمريكية لليابان، لأنه اعتبر الأمر مساساً بالأمن القومي رغم أن اليابان أهم حليف لأمريكا في منطقة المحيط الهادي، في الوقت الذي تضغط فيه قوى خارجية لبيع قطاعاتها الاقتصادية والمالية والخدمية، وتشجعها على استجرار القروض لاحقاً بعد أن تبيع كل شيء كي تبقى رهينة إلى الأبد!

مشاركة المقال: