شبكة أخبار سوريا والعالم/ أكد الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، استعداد الدولة للإصغاء إلى مختلف المطالب الشعبية التي رفعها المتظاهرون في مناطق سورية متعددة، والتفاعل معها بجدية. وأشار إلى أن المقترحات المتعلقة بالانفصال أو الفيدرالية غالبًا ما تنبع من "قراءات ضيقة أو نقص في الإلمام السياسي".
جاء حديث الشرع خلال اتصال عبر الفيديو في اجتماع لمحافظ اللاذقية، محمد عثمان، مع وجهاء ولجان الأحياء بهدف تعزيز السلم الأهلي وتوطيد التواصل المجتمعي، وذلك اليوم 27 من تشرين الثاني.
وشهدت مدن وأرياف محافظتي اللاذقية وطرطوس ومناطق في ريف حماة الغربي وسهل الغاب في 25 من تشرين الثاني الحالي، مظاهرات في الساحات تطالب بـ"وقف القتل والفيدرالية"، بالإضافة إلى المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين الذين تم اعتقالهم بعد سقوط النظام السابق.
وفي معرض حديثه، أوضح الشرع أن "العديد من المطالب الشعبية التي شهدناها خلال اليومين الماضيين محقة، ولكن بعضها كان مسيسًا إذا أردنا تسمية الأمور بمسمياتها"، مؤكدًا "استعداد الدولة الكامل للإصغاء إلى مختلف المطالب ومناقشتها بجدية".
واعتبر الشرع أن الساحل السوري يمثل إحدى "أولويات العمل الوطني في المرحلة الحالية"، وذلك نظرًا لموقعه الاستراتيجي على ممرات التجارة الدولية، ودوره في تعزيز الربط الاقتصادي بين سوريا ودول المنطقة.
كما أشار الرئيس السوري إلى أن الساحل يمتلك جميع المقومات التي تعكس تماسك المجتمع السوري، وتؤكد قوة الوحدة الوطنية، وأن التنوع الاجتماعي والطائفي فيه يشكل إثراء للدولة السورية، وليس "موضعًا للنقاش أو الجدل".
وأوضح الشرع أن الطروحات المتعلقة بالانفصال أو الفيدرالية غالبًا ما تصدر عن "قراءات ضيقة أو نقص في الإلمام السياسي"، مشيرًا إلى أن الدول الفيدرالية نفسها لديها مركزيات قوية في المؤسسات السيادية، مثل الدفاع والأمن والخارجية والاقتصاد، وهي مؤسسات لا يمكن تجزئتها.
وأضاف أن "مفهوم الفيدرالية، الذي يطرحه البعض، لا يختلف جوهريًا عن إطار الإدارة المحلية المعمول به في سوريا، وخاصة قانون رقم 107 الصادر منذ أكثر من 10 أعوام، والذي يتضمن بالفعل الكثير من المفاهيم المطروحة اليوم مع إمكانية إدخال تعديلات عليه".
وأكد الرئيس السوري، أحمد الشرع، على ضرورة إنهاء حالة الانقسام التي زرعت في نفوس السوريين لأكثر من ستين عامًا، معولًا على الوعي الكبير الذي يمتلكه السوريون، داخل البلاد أو خارجها، و"محبتهم الراسخة لبلدهم، لبناء سوريا أقوى وجعلها عصية على جميع محاولات التقسيم".
واعتبر الشرع أن التحديات التي يواجهها الوضع السوري "معقدة وتتطلب قدرًا كبيرًا من الوعي والمسؤولية لتحقيق الهدف الأهم سوريا موحدة ومستقرة"، أما على الصعيد الاقتصادي، فيقول الشرع إنه لا توجد "مخاوف جوهرية"، ولكن هناك حاجة للوقت لمعالجة المشكلات العالقة.
وقال: "نحن اليوم أمام مهمتين أساسيتين في المرحلة المقبلة، حماية البلاد من المخاطر الداخلية والخارجية والتنمية الاقتصادية".
وتابع الشرع أن ما يجمع السوريين هو "قانون واحد يحمي الجميع"، مشيرًا إلى "عمل الدولة على الحفاظ على مبدأ التشاركية وتوسيع مساهمة مختلف المكوّنات في بناء الدولة".
وأضاف: "وقد رفضنا بشكل قاطع أي صيغة للمحاصصة أو الاستقطاب السلطوي داخل مؤسسات الدولة ووزاراتها، فالجميع شركاء، والجميع معنيون بالمسؤولية".
وشهدت مدن وأرياف محافظتي اللاذقية وطرطوس ومناطق بريف حماة الغربي وسهل الغاب مظاهرات في ساحات ونقاط تجمع رئيسة، في 25 من تشرين الثاني.
وأطلق المتظاهرون شعارات تطالب بوقف القتل و"الفيدرالية"، بالإضافة إلى مطالب بإطلاق سراح الموقوفين الذين جرى اعتقالهم بعد سقوط النظام السابق، وحملوا لافتات تضمنت مطالب وشعارات منها: "اللامركزية الإدارية"، "لا للإرهاب"، "لا للسلاح المنفلت".
وأكدت وزارة الداخلية السورية أن وحدات الأمن الداخلي عملت على تأمين التجمعات الاحتجاجية في مناطق الساحل السوري لمنع أي حوادث طارئة "تستغلّها الجهات التي تروّج للفوضى".
وجاءت المظاهرات استجابة لدعوة أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس ما يعرف بـ"المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر"، الاثنين 24 من تشرين الثاني.
كما شهدت مدن جبلة والقرداحة وصافيتا والدريكيش والشيخ بدر وأريافها اعتصامات منددة بـ"قتل العلويين" ومنادية بـ"حق الإنسان بالعيش بأمان وكرامة"، إضافة إلى مطالب بسحب السلاح المنفلت الموجود لدى بعض الفئات وحصره بيد الحكومة.
وناشدت وزارة الداخلية السورية الأهالي في الساحل لعدم الانجرار وراء ما سمتها "مخطّطات لا يريد أصحابها سوى توريط المنطقة في دوّامة عدم الاستقرار".
وقال المتحدث باسم الداخلية، نور الدين البابا، لقناة "الإخبارية" الحكومية، إن "وزارة الداخلية تحفظ حق التعبير عن الرأي للجميع على أن يكون هذا التعبير تحت سقف القانون ودون الإخلال بالسلم الأهلي".
وأشار إلى أن "الجهات التي تروج وتسوق للفوضى في مناطق الساحل كلها موجودة خارج البلاد ومنفصلة عن الواقع المعيشي لأهل الساحل".
وأضاف البابا، "ترديد عبارات طائفية في بعض التجمعات يوضح الغاية التي تمت الدعوة على أساسها وهو لا يعبر عن حقيقة المطالب التي يسعى إليها أهلنا بالساحل".
وتابع أن الدولة السورية هي الضامن الوحيد لمطالب جميع أبناء الشعب السوري، ولا يمكن التعامل مع هذه المطالب عن طريق سيناريوهات الفوضى والدعوات التي يعرف أهلنا بالساحل غايات أصحابها".