السبت, 20 سبتمبر 2025 04:36 PM

السلطات تتراجع عن قرارات وتُعيد موظفين: خطوة إيجابية مع تطلعات لتفادي الأخطاء مستقبلاً

السلطات تتراجع عن قرارات وتُعيد موظفين: خطوة إيجابية مع تطلعات لتفادي الأخطاء مستقبلاً

عبد اللطيف شعبان: قبل أشهر، اتخذت السلطات المعنية قرارًا بفصل العديد من الموظفين، ثم تراجعت وأعادت الكثيرين منهم إلى عملهم خلال فترات وجيزة، وذلك لثبوت الحاجة الفعلية إليهم في وزارة الكهرباء وجهات أخرى. كما أوقفت السلطات عمل آلاف الموظفين بمنحهم إجازة براتب لثلاثة أشهر، ثم وفت بصرف الراتب عن هذه المدة، وتراجعت عن فصلهم، وتسعى لإعادة بعضهم إلى عمله.

يبدو أن بعض هؤلاء قد يعودون إلى أماكن عمل مختلفة نوعًا ومكانًا. هذا الإجراء مقبول إذا كانت مواصفات العمل الجديد قريبة من السابق، وفي مكان يسهل الوصول إليه بنفس الوقت والتكلفة. لكن البعض يتخوف من أن يكون مكان العمل الجديد لا يتفق مع مواصفات عملهم السابق، وتزداد الصعوبة إذا كان العمل الجديد خارج منطقة سكن الموظف، أو في محافظة أخرى، مما قد يمنع الموظف من الالتحاق بالعمل الجديد بسبب عدم كفاية الراتب لتغطية نفقات النقل أو السكن. بالتالي، سيجد الموظف نفسه محرومًا من عمله ورزقه المعتاد منذ سنوات، ما لم تقدم السلطات تعويضًا إضافيًا يغطي عبء الانتقال والسكن، مع ضمان استمرار هذا التعويض، كما كان معمولًا به في خمسينات وستينات القرن الماضي، حيث كان يمنح الموظف ربع الراتب تحت عنوان "نفقات غلاء معيشة".

على الأغلب، هذا التعويض متحقق الآن (راتب كاف وحالة أمن قائمة) للعاملين الذين كلفتهم السلطات (من عناصرها) بالعمل خارج محافظاتهم. فالأمل كبير ألا تصدر عن السلطات مجددًا قرارات بخصوص الموظفين المنظور في إعادتهم إلى العمل (وهو حقهم) قد ترى وجوب التراجع عنها لاحقًا، فالعيش الكريم حق لكل مواطن، والدستور يكفل ذلك.

أيضًا، سبق أن اتخذت السلطات المعنية قرارًا بوقف رواتب العسكريين المتقاعدين بعد عام 2011، ويُعمل الآن لإعادة صرف رواتبهم قريبًا، حسب وعد وزير المالية. كما تم قبل أشهر إغلاق بعض المراكز الصحية في أكثر من مكان، والآن تراجعت السلطات عن إغلاق العديد منها، ووجهت بإعادة تفعيل عمل هذه المراكز وإلغاء كافة الأوامر الإدارية المخالفة لذلك. والجدير بالذكر أن بعض هذه المراكز محدثة بتبرع من أهل الخير وتمارس عملها منذ عشرات السنين، وقد آلم إغلاقها الكثيرين الذين اعتادوا الحصول على خدماتها المعهودة، بل آلم أكثر ذوي أهل الخير الذين سبق أن تبرعوا بها، والآن عمتهم الأفراح باستعادة عملها.

أخطاء عديدة أخرى حدثت (أيا كان نوعها ومدى أثرها) لا مجال لذكرها، وتم اعتراف السلطات بها. وإنْ يكنْ من حق المواطن الدلالة على مضار الخطأ بلا خوف ولا وجل، فمن واجبه الإشارة إلى محاسن التراجع عنه بكل صدق خال من الدجل.

شكرًا للسلطات لتراجعها عن خطئها، فالتراجع عن الخطأ فضيلة كبرى، ولكن عدم الوقوع به كان فضيلة أسمى، واجتناب الوقوع به ثانية فضيلة أعلى سموًا وأجل. والأمل بالحذر من حدوث أخطاء أخرى، خاصة الخطأ الذي هو أقرب إلى الجرم أو جرمًا بحد ذاته، كما حدث بين زمان ومكان. حماك الله يا بلدي سورية واحدة موحدة بتآخي جميع مواطنيك الأخيار، في وجه من يريد لك السوء من الأشرار.

*الكاتب: عضو جمعية العلوم الاقتضادية – عضو مشارك في اتحاد الصحفيين (موقع اخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: