عنب بلدي – رغد عثمان – حقق المنتخب السوري للفنون القتالية في رياضة "البنجاك سيلات" إنجازًا ملحوظًا بحصوله على أربع ميداليات فضية وثلاث ميداليات برونزية، وذلك خلال مشاركته الأولى في بطولة العالم التي استضافتها إندونيسيا في الثالث من آب الحالي.
وقد أحرز اللاعب محمد التيناوي الميدالية الفضية، بينما فاز كل من اللاعبين حمزة التيناوي وأحمد شريقي وزين الرفاعية بالميداليات البرونزية.
تعتبر رياضة "البنجاك سيلات" فنًا قتاليًا تقليديًا يعود أصله إلى جزيرة سومطرة في إندونيسيا. يتميز هذا الفن القتالي بأسلوبه الفريد الذي يجمع بين اللكمات والركلات والإسقاط على الأرض، بالإضافة إلى استخدام الأسلحة البيضاء كالعصا والسكين والنينشاكو، مما يجعله فنًا قتاليًا متكاملًا للدفاع عن النفس.
يوجد حاليًا أكثر من 100 مدرسة حول العالم لتدريب "البنجاك سيلات"، وتعتبر مدرسة "التاباك سوتشي المحمدية" من أبرز هذه المدارس، وهي المدرسة المعتمدة في سوريا.
بدأ انتشار "البنجاك سيلات" في سوريا في تشرين الأول 2023، حيث ظهرت لأول مرة في محافظتي دمشق وحلب.
واقع "البنجاك سيلات" في سوريا
أوضح مدرب المنتخب الوطني، منير المشوح، لعنب بلدي أن "البنجاك سيلات" تجمع بين الجانب الاستعراضي وفنون القتال الحقيقي، وهي من رياضات الـ"فول كونتاكت"، ولكنها لا تسمح بالضرب على الوجه، مما يحقق توازنًا بين السلامة والفعالية في الدفاع عن النفس. وأشار إلى أن العديد من الفنون الأخرى تحولت إلى استعراضات تعتمد على "اللايت كونتاكت" أو اللمس فقط، مما أفقدها جوهرها القتالي.
وأضاف المشوح أن هذه الرياضة مناسبة لجميع الفئات العمرية من 6 إلى 60 عامًا، وأنها لاقت استحسانًا واسعًا بين الرياضيين في سوريا، خاصةً لما تتميز به من تنوع وتكامل يسهل على ممارسي "الكاراتيه" و"الكونغ فو" و"الجودو" التأقلم معها.
دعم إندونيسي
أشار الكابتن إلى أهمية الدعم والمتابعة المباشرة من السفارة الإندونيسية في دمشق، بإشراف السفير واجد فوزي، ودعم الخبير الإندونيسي ومؤسس اللعبة في سوريا، صفيان رجال، الذي أشرف على اختيار عناصر المنتخب الوطني بالتعاون مع مدربين سوريين وفق معايير محددة. وقد ساهم وضع خطة تدريبية مشتركة في تحقيق نتائج إيجابية في التجربة الدولية الأولى للمنتخب، على الرغم من محدودية الإمكانيات.
وعن معايير اختيار اللاعبين، أوضح المدرب أنه يجب أن يكون اللاعب حاصلًا على حزام بدرجة "2 ياسمينه"، وأن يكون ملمًا بأساسيات اللعبة، وسليمًا من الإصابات الرياضية، وأن يجتاز الانتقاء الذي يتضمن منافسة مع لاعبين من نفس الوزن.
منهجيات تدريبية
أوضح الحكم والمدرب الدولي لـ"البنجاك سيلات"، إبراهيم نوح، رئيس لجنة التحكيم بحلب، أن المنهج التدريبي المعتمد في سوريا متدرج، حيث يبدأ ببناء اللياقة البدنية وتعلم المهارات القتالية اليدوية والركلات، ويتدرج وصولًا إلى "التونجال" الذي يجمع بين القتال والرقص التقليدي وإبراز مهارة التوازن، وينتهي باستخدام الأسلحة البيضاء.
وأضاف نوح أن التدريب يشمل جوانب فنية كالحركات الدقيقة والتوازن والتسلسل، وجوانب بدنية كالمرونة والتحمل والسرعة، بالإضافة إلى الجانب النفسي الذي يركز على تنمية التركيز وضبط النفس. وأشار إلى أن المدربين السوريين يعتمدون على معايير الاتحاد الدولي "للبنجاك سيلات" (PERSILAT)، مع الاهتمام بتطوير اللاعبين على المستويين المحلي والدولي.
وأوضح المدرب أنه على الرغم من القيمة الفنية والثقافية الغنية لرياضة "البنجاك سيلات"، فإن انتشارها في سوريا لا يزال محدودًا، حيث تتركز ممارستها في محافظتي دمشق وحلب، ويُقدَّر عدد المدربين المعتمدين محليًا ودوليًا بـ40 مدربًا، وكثير منهم لا يمارسون التدريب حاليًا، مما يشكل تحديًا أمام تطوير هذه الرياضة.
صعوبات ورؤية مستقبلية
يرى خبراء ومدربو اللعبة أن هناك تحديات تواجه اللاعبين والمدربين في سوريا، كحداثة الرياضة وضعف انتشارها، وعدم وجود صالات تدريب خاصة، وغياب الدعم المؤسسي والإعلامي، والافتقار إلى اتحاد مستقل لـ"البنجاك سيلات"، وضعف الوعي العام بجذورها وقيمها الأخلاقية، مما يؤدي أحيانًا إلى تصورات خاطئة عنها.
ولمواجهة هذه التحديات، أكدوا على أهمية إنشاء اتحاد خاص للعبة، وإدراجها ضمن نشاطات الأندية والمدارس، وتنظيم بطولات محلية دورية في مختلف المحافظات. كما شددوا على أهمية تدريب كوادر جديدة من مدربين وحكام وإداريين بشهادات معتمدة، وإطلاق حملات إعلامية للتعريف باللعبة ونشر قيمها، ودعم المبادرات الشبابية لإنشاء مراكز تدريب مستقلة، بما يضمن توسيع قاعدة الممارسين ورفع مستوى المنافسة.