أصدرت محكمة النقض الفرنسية، وهي أعلى هيئة قضائية في فرنسا، قرارًا اليوم 27 من تموز يقضي بصلاحية الحصانة الشخصية لرئيس النظام السابق، بشار الأسد. ويعني هذا القرار إبطال مذكرة التوقيف الصادرة بحقه في قضية الهجمات بالأسلحة الكيماوية التي وقعت في دوما والغوطة عام 2013.
أعرب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وهو أحد الأطراف التي عملت على تطوير القضية، عن خيبة أمله من قرار المحكمة، ووصفه عبر صفحته في “فيسبوك” بأنه “مخيب من القضاء الفرنسي”.
وقال رئيس محكمة النقض، كريستوف سولار، إن 19 قاضيًا في الحكم رفضوا رفع الحصانة عن الأسد، الأمر الذي كان من الممكن أن يمهد الطريق لمحاكمته غيابيًا في فرنسا بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة عام 2013، بحسب وكالة “أسوشتد برس”. وأضاف سولار أن “بموجب القانون الدولي الحالي، فإن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لا تشكل استثناءً من مبدأ الحصانة القضائية لرؤساء الدول الأجانب في أثناء توليهم مناصبهم”.
من جهتها، أوضحت مديرة برنامج الأرشيف السوري، جلنار أحمد، لعنب بلدي، أن “الحصانة الشخصية لرئيس النظام السابق، بشار الأسد، كانت سارية وقت إصدار مذكرة التوقيف في كانون الأول 2021، ولهذا السبب تم قبول الطعن”. وأضافت أن “المحكمة أشارت لقضاة التحقيق بإمكانية استمرار التحقيق، وإصدار مذكرات اعتقال جديدة”، وأنه ما زال ممكنًا إصدار مذكرة اعتقال جديدة بحق الأسد، كونه لم يعد رئيسًا لسوريا، ولم يعد يتمتع بالحصانة الشخصية.
وعبرت الأحمد عن أسفها إزاء القرار، ووصفته بأنه “انتكاسة لجهود مكافحة الإفلات من العقاب بذريعة الحصانة الشخصية لرؤساء الدول”. وأكدت أن هذا القرار “ليس نهاية الطريق، وستبقى جهود التوثيق وبناء القضايا والسعي للعدالة مستمرة بكل القنوات الممكنة”.
كيف صدرت مذكرة الاعتقال بحق الأسد
في آذار 2021، تقدم ناجون ومنظمات غير حكومية بشكوى جنائية في فرنسا تدعو السلطات إلى التحقيق في هجمات غاز السارين التي استهدفت عدرا ودوما والغوطة في سوريا في 2013، باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وبعد تقديم الشكوى وانضمام أطراف مدنية، تم فتح تحقيق رسمي في نيسان 2021 تبعه تعيين قاضيين للتحقيق.
جمعت منظمات حقوقية ومدنية سورية منها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، وبرنامج الأرشيف السوري، ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح عشرات الشهادات من ضحايا وذويهم، وشهود على الهجمات، إلى جانب شهادات خبراء، ومئات الأدلة الوثائقية.
واستنادًا إلى حجم وتفاصيل الأدلة، قرّر قضاة التحقيق أن هناك أدلة جدية ترجّح أن الأشخاص التالية أسماؤهم قد شاركوا في التخطيط للهجمات بالأسلحة الكيميائية وفي تنفيذها، ويتحملون المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم: بشار الأسد، ماهر الأسد، العميد غسان عباس، اللواء بسام الحسن. لذلك قرر قضاة التحقيق أن الرد المناسب لشكوى الضحايا والأدلة المقدمة هو إصدار مذكرات توقيف دولية بحق الأفراد الذين تم تحديد هويتهم بتهم التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
” في النظام القضائي الفرنسي، تعني مذكرة التوقيف أمرًا قضائيًا موجهًا لقوات إنفاذ القانون بالبحث والعثور عن الشخص المذكور وجلبه للمثول أمام قاضي التحقيق. وقد نشرت مذكرات التوقيف هذه على المستويين الأوروبي والدولي عبر الـ إنتربول والـ يوروبول” المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
بعد صدور مذكرات التوقيف في باريس، في 23 من كانون الأول 2023، قدّم مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب (PNAT) طعنًا، وأحال القضية إلى غرفة التحقيق في محكمة استئناف باريس، مطالبًا بإلغاء مذكرة التوقيف الصادرة بحق بشار الأسد.