شهدت الصحف الإيرانية انقساماً في تغطيتها لملف إعادة فرض العقوبات الأممية، حيث تبنى بعضها لهجة تقلل من أهمية هذه العقوبات، معتبرةً إياها امتداداً لسياسات سابقة، بينما رأى البعض الآخر فيها تحولاً خطيراً يهدد ما تبقى من مسار الدبلوماسية الإيرانية.
في حين اعتبرت بعض المنابر الإعلامية أن المرحلة الراهنة تمثل منعطفاً خطيراً في تاريخ السياسة الخارجية الإيرانية، عزت منابر أخرى جذور الأزمة إلى الإدارة الداخلية، وليس إلى العقوبات نفسها.
صحيفة «شرق» الإصلاحية عنونت صفحتها الأولى بـ«موت الاتفاق النووي بتوقيت نيويورك»، مؤكدة أن الجمهورية الإسلامية تمر بواحدة من أصعب الفترات في تاريخ الدبلوماسية.
من جهتها، انتقدت صحيفة «جمهوري إسلامي» المعتدلة المسؤولين الذين «يتحدثون من أبراج عالية»، ويدفعون باتجاه التهوين من آثار «سناب باك»، مشيرةً إلى أن بعض المسؤولين الذين يزعمون أن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة لا تختلف كثيراً عن العقوبات السابقة، يتحدثون من واقع مريح لا يشبه معاناة الناس، بسبب الرواتب الضخمة، والتنقل المجاني، والرعاية الصحية الفائقة، والمساكن الفاخرة، والحماية الأمنية، والاحترام الرسمي.
ألقت الصحيفة التي تؤيد الاتفاق النووي بشدة، باللوم على الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، معتبرةً أن «العقوبات هي الإرث المشؤوم لحكومة أحمدي نجاد»، في إشارة إلى القرارات الستة التي تم فرضها على إيران بين عامَي 2006 و2010.
على النقيض من ذلك، انتقدت صحيفة «كيهان» الرسمية حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، وقللت من أهمية العقوبات الأممية، معتبرةً أن «إجراء المفاوضات لم يكن ليؤدي إلى رفع العقوبات»، وأن التراخي والجمود من قبل بعض المسؤولين والمديرين التنفيذيين هو ما أوصل البلاد إلى طريق مسدود.
ورأت «كيهان» أنه سواء كانت (آلية الزناد) موجودة أو لا، فإن هذا اليوم مثل كل الأيام في السنوات الـ47 الماضية منذ الثورة الإسلامية هو يوم عادي، وأن إيران تُعاقَب بعقوبات من أميركا وحلفائها الأوروبيين بسبب تمسكها بالاستقلال والسعي نحو الحرية.
أثار التلفزيون الرسمي الإيراني جدلاً بإعادة قراءة مقتطفات من المقال الافتتاحي لصحيفة «كيهان»، والذي وجّه انتقادات لإدارة حسن روحاني، محذراً من أن «خيانة غير مسبوقة تحدث تجعل تدخل الأجهزة الأمنية والقضائية ضرورياً، وهي أن يقوم داعمو ومنكرو (آلية الزناد) المدمرة بتضخيم وتصديق آثار تلك الآلية نفسها، مما يؤدي إلى إثارة الاقتصاد».
صحيفة «آكاه» هاجمت مسؤولين ونواباً سابقين وشخصيات في التيار الإصلاحي، من بينهم وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، متهمةً إياهم بـ«تقديم عناوين خاطئة لخوض مفاوضات مع الولايات المتحدة رغم نكث العهود».
في هذا الصدد، أشارت صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري» إلى تصاعد الخلافات الداخلية، ووصفتها بـ«المشاجرات الوقحة حول الاتفاق النووي»، معتبرةً أن النقاش حول ما إذا كانت إيران تحت العقوبات أم لا هو نقاش عقيم، وأن التيارين الإصلاحي والمحافظ «يتنازعان دون جدوى»، وأن «الاتفاق النووي الذي لم يكن موجوداً قَطّ، قد انتهى».
سلطت صحيفة «سازندكي» الضوء على تداعيات الآلية، وقالت إن العقوبات تؤثر بشكل مباشر على حياة الشعب الإيراني، معربةً عن استغرابها من ابتهاج بعض السياسيين والمتشددين المحليين بانهيار الاتفاق النووي.
ولفتت الصحيفة إلى أن خبراء ومحللين حذروا من أن عودة العقوبات ستؤدي إلى تفاقم الفقر وتعزيز اقتصاد ريعي غير شفاف، تستفيد منه قلة مرتبطة بمراكز النفوذ، في حين تتحمل عامة الشعب أعباء التضخم والبطالة.
من جهتها، تطرقت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية إلى «إيران في عصر ما بعد آلية الزناد»، وحذرت من مخاطر تجدد الحرب مع إسرائيل، معتبرةً أن إشارات مثل التوجه نحو التخصيب بـ90 في المائة، أو تعطيل رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد تُستخدم ذريعة من قِبل بنيامين نتنياهو لتبرير التصعيد.