الإثنين, 11 أغسطس 2025 03:13 PM

ترميم متواضع لمدارس ريف دمشق: معاناة الطلاب تتفاقم رغم الجهود

ترميم متواضع لمدارس ريف دمشق: معاناة الطلاب تتفاقم رغم الجهود

عنب بلدي – رغد عثمان تعاني مئات المدارس في ريف دمشق من أضرار جسيمة نتيجة سنوات الحرب، مما أدى إلى تدهور بنيتها التحتية. ومع عودة النازحين والمهاجرين، تتزايد معاناة الطلاب، حيث تشهد الفصول الدراسية اكتظاظًا كبيرًا، في حين تعاني المدارس من نقص في الكوادر التعليمية. هذا الوضع يستدعي، بحسب أساتذة وطلاب التقتهم عنب بلدي، تسريع وتيرة تأهيل المدارس المتضررة وتحسين العملية التعليمية بشكل شامل.

منذ بداية العام الحالي، تشهد محافظة ريف دمشق جهودًا متواصلة لترميم عدد من المدارس المتضررة. وقد تم الانتهاء من ترميم ثماني مدارس بشكل كامل خلال الفترة الماضية، بينما يجري العمل حاليًا على ترميم وتأهيل 19 مدرسة أخرى، بهدف توفير بيئة تعليمية آمنة ومحفزة للطلاب والمعلمين قبل بداية العام الدراسي.

معاناة الطلاب

تعاني ليليان (16 عامًا)، كغيرها من الطلاب، من بُعد مدرستها عن الحي السكني الذي تقطنه في ريف دمشق، بالإضافة إلى الاكتظاظ داخل الفصول وضعف البنية التحتية، بما في ذلك النوافذ المتهالكة والمقاعد غير المريحة وغياب المساحات الخضراء والمرافق الصحية. تتمنى ليليان أن تكون هناك مدرسة قريبة من منزلها، لتجنب مشقة السفر إلى مدرستها الحالية، وأن تتضمن المدرسة مساحة خضراء تشجعها على الحضور.

بالإضافة إلى أعمال الترميم الحالية، مثل إصلاح الجدران والطلاء، تطالب ليليان بتحسين بيئة التعلم من الداخل، بما يدعم الطلاب نفسيًا وتربويًا.

دون الطموح

وصف جودت سليمان، مدير مدرسة ثانوية في ريف دمشق، أعمال الترميم الجارية بأنها "بداية مشجعة وضرورية" على طريق إعادة بناء البنية التعليمية، معتبرًا أنها لا تزال محدودة مقارنة بالواقع. وأشار إلى أن استدامة هذه الجهود تتطلب توسيع نطاق الترميم ليشمل قرى ومناطق إضافية في الريف، خاصة مع عودة أعداد كبيرة من النازحين، مؤكدًا على ضرورة الربط بين الترميم الإنشائي وتطوير البنية البشرية، من خلال دعم الكوادر والمناهج والبيئة التعليمية.

كما لفت إلى أن الترميم شمل نحو 13 مدرسة فقط، وهو عدد لا يلبي الحاجة الفعلية في ريف دمشق، بالإضافة إلى أهمية توفير بيئة سليمة تشمل غرفًا صفية كافية ومرافق صحية نظيفة ووسائل تعليمية حديثة ودعمًا نفسيًا واجتماعيًا للطلاب والمعلمين.

واقترح جملة من الحلول، آملًا أن تؤخذ بعين الاعتبار، منها تأمين تمويل مستدام للصيانة وإشراك المجتمع المحلي وتطوير برامج تدريب المعلمين وتوفير النقل للطلاب في المناطق النائية.

تتفق لينا حيدر، مديرة مدرسة للمرحلة الابتدائية في ريف دمشق، مع رأي جودت، وتقول إن واقع مدرستها كغيرها من المدارس "غير آمن ومزدحم"، مشيرة إلى تهالك السور الخارجي الملاصق للطريق العام وغياب الحماية الكافية للتلاميذ، مما يشكل خطرًا عليهم. كما أوضحت أن المدرسة عانت مؤخرًا من اكتظاظ كبير تجاوز 900 طالب، يقابله فقط 48 معلمًا وإداريًا وعدد قليل من المستخدمين، مما يؤثر على النظافة والخدمة اليومية.

وأشارت إلى أنها، ونتيجة للظروف التعليمية السيئة وقلة عدد المدارس والصفوف الدراسية، لجأت إلى دمج خمس شعب صفية لطلاب من المرحلة الابتدائية مع طلاب من المرحلة الإعدادية، وهو ما رأت فيه خطرًا تربويًا وسلوكيًا على التلاميذ من حيث الفارق العمري الكبير بين طلاب المرحلتين.

ووصفت المدرّسة حيدر مساعي الترميم بأنها خطوة ملحّة وإيجابية في آن واحد، لتأمين بيئة أكثر أمانًا وترغيبًا للطلاب، كما أنها تعيد للمدرسة دورها كمكان محفّز للتعلّم وبناء الإنسان القادر على تحمّل المسؤولية.

خطط وجهود رسمية

قال مدير مديرية الأبنية المدرسية في ريف دمشق، محمد الحنون، إن إعادة تأهيل المدارس تعتبر خطوة أساسية لاستعادة خدمات التعليم في القرى والبلدات المتضررة. وتشكل المدارس عنصرًا مهمًا في تعزيز الاستقرار داخل المجتمعات التي تعرضت للتدمير والتهجير، إذ بدأت العودة تدريجيًا إلى هذه المناطق، ويعد وجودها كمؤسسات خدمية عاملًا يعزز الاستقرار ويخفف من الضغط على المدارس القائمة، فضلًا عن توفير بيئة مدرسية آمنة ومحفزة للطلاب والمعلمين، حسب تعبيره.

وأضاف أن عدد المدارس المتضررة يقدّر في محافظة ريف دمشق بنحو 230 مدرسة، نتيجة الأضرار الكبيرة التي طالت الأبنية المدرسية خلال السنوات الماضية. وتابع أن إعادة تأهيل المدارس تتم بدعم عدد من المنظمات الدولية والمحلية، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، إلى جانب مساهمات المجتمع المحلي من تبرعات أهالٍ ومؤسسات محلية باليد العاملة والمواد والدعم المالي.

وذكر الحنون أن تنفيذ مشاريع الترميم يتم الإشراف عليه من خلال تنسيق مشترك بين وزارة التربية ومديرية الأبنية المدرسية وبمشاركة مديريات التربية في المحافظات وبمتابعة ميدانية من مهندسي دوائر الأبنية المدرسية.

وحول التحديات التي يواجهونها، قال الحنون، إن أبرزها يتمثل في نقص المعلومات الدقيقة بسبب عدم توفر معدات حديثة لتقييم الأبنية، إضافة إلى نقص في الكوادر الهندسية نتيجة عزوف كثيرين عن العمل الحكومي خلال السنوات الماضية، وندرة الآليات الثقيلة واعتمادهم أحيانًا على استئجار معدات خاصة، مما يزيد العبء المالي على المشاريع.

مشاركة المقال: