الإثنين, 18 أغسطس 2025 04:54 PM

تصعيد بين دمشق والسويداء: هل تنزلق الأمور نحو العنف أم تسود الحكمة؟

تصعيد بين دمشق والسويداء: هل تنزلق الأمور نحو العنف أم تسود الحكمة؟

يشهد خط دمشق – السويداء تصعيداً سياسياً ينذر بتحوله إلى مواجهات عسكرية في حال استمرار الانسداد في الأفق. بدأ التصعيد بتظاهرة في السويداء رفع خلالها المتظاهرون أعلاماً إسرائيلية، مطالبين بالانفصال عن سوريا تحت شعار "الحق في تقرير المصير". يعتبر هذا الموقف الأكثر تطرفاً، بعد أن كانت المطالب تتركز حول الحكم الذاتي والفيدرالية.

جاء رد دمشق سريعاً على لسان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، الذي وجه رسائل إلى السويداء ومناطق الإدارة الذاتية الكردية، مؤكداً رفضه لفكرة التقسيم ووصف المطالبين بها بـ "السياسيين الجاهلين والحالمين". وأشار إلى "القواعد العامة" التي تستند إليها سوريا بموافقة إقليمية ودولية، والتي تتمثل في وحدة الأراضي السورية وحصر السلاح بيد الدولة.

مصدر سياسي في السويداء، فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، تحدث عن مقتل معارضي سياسة الشيخ حكمت الهجري ومناصري الشيخ ليث البلعوس، مشيراً إلى أن معارضي الهجري يتعرضون لحملات تخوين قد تصل إلى القتل. واعتبر رفع الأعلام الإسرائيلية في التظاهرة "تصعيداً" غير مسبوق ينذر بـ "سوء ما هو مقبل".

المصدر يجهل الخلفيات الحقيقية لتظاهرة السبت ورفع أعلام إسرائيل فيها، لكنه يشير إلى الصلات بين الهجري والشيخ موفق طريف، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في إسرائيل. كما لا يستبعد "تدخلاً إسرائيلياً" في الحراك الشعبي في السويداء من خلال الإيعاز إلى الهجري بتصعيد موقفه والمطالبة بالانفصال وبالحق في تقرير المصير، بعدما كانت المطالب تقتصر على "الحماية الدولية" من دون تحديد الجهة الدولية.

يرفض المصدر نفسه تعميم مشهد السبت على موحدي السويداء كافة، مؤكداً أن المحافظة تعيش واقعاً غريباً في ظل حملات التخوين والتهديد بالقتل، مما يمنع خروج أصوات ترفض الحماية الإسرائيلية وتتمسك بوحدة التراب السوري وتعارض الانفصال عن الدولة وتتمسك بخط سياسي معارض للشيخ الهجري.

ويضيف: "ليست السويداء كلها مع الشيخ الهجري، ولا السويداء مع رفع أعلام إسرائيلية، لكن السويداء كلها ترفض أن تكون كبش فداء للحكومة"، مشدداً على أن معارضة الهجري لا تعني موالاة الحكومة، "إنما هي معارضة أيضاً لسياسات الحكومة الانتقالية لجهة الاقتحامات والانتهاكات وفرض سياسة التطويع، خصوصاً بعد المجازر التي اقترفت في السويداء، وتكلم عنها الشرع مراراً واعداً بالمحاسبة، من دون أن يتحقق ذلك فعلياً؛ وأحداث الساحل مثال على ذلك".

وعن رؤيته لمستقبل السويداء، يرى المصدر أن مشاريع الانفصال التام "غير قابلة" للتحقق على أرض الواقع، فالسويداء محاطة بدمشق ودرعا من جهة، والأردن من جهة أخرى، والمملكة الهاشمية رفضت أخيراً مرور المساعدات من إسرائيل إلى السويداء عبر أراضيها، وفقاً لتقرير نشره موقع "أكسيوس" الأميركي. بالتالي، لا يوجد بعد جغرافي للمحافظة إلا سوريا، ولا خط مباشر مع إسرائيل التي عرضت فتح ممر من الداخل السوري دون رغبة فعلية بتنفيذه، بدليل طلبها موافقة من الحكومة السورية عليه، وهذا "مستحيل" وفق المصدر نفسه، وهدفه تطيير المشروع.

قد يترجم التصعيد السياسي إلى اشتباك عسكري في ظل تعارض المواقف بين دمشق والسويداء، لكن لعودة الاشتباك سيناريو آخر! فإسرائيل رسمت خطوطاً حمراء جنوبي سوريا خلال الاشتباكات الأخيرة، ليس من مبدأ حماية الدروز بل من منطلق تغيير معادلات الجنوب السوري الأمنية، وقد استهدفت وزارة الدفاع وأرتالها في السويداء لاستقطاب الدروز نحو صفها.

الرواية التي يتفق عليها محللون وسياسيون في السويداء هي أن تل أبيب أوقعت بدمشق في محادثات باكو، ومنحتها ضوءاً أخضر لمهاجمة السويداء، ثم تدخلت فبدلت المعادلات العسكرية في الجنوب السوري، واستقطبت بعضاً من الدروز إلى صفها فحققت مشروعها. من هذا المنطلق، يقول المصدر إن إسرائيل "باتت ضابط إيقاع التصعيد السياسي والعسكري في الجنوب، وأي اشتباك مقبل رهن بمشروعها".

في الختام، يستذكر المصدر التظاهرات التي خرجت في ساحة الكرامة في السويداء خلال عهد بشّار الأسد، والتي نادت بوحدة الشعب السوري. وإذ يشير إلى تناقضها مع شعارات التظاهرات الحالية، والتي بتقديره طرأ عليها العامل الإسرائيلي، يرى أن الشعارات الأولى خريطة الطريق الوحيدة التي تشكل مخرجاً للسوريين والسويداء في ظل الواقع السياسي والجغرافي.

مشاركة المقال: