الخميس, 21 أغسطس 2025 08:57 PM

جاموس الغاب السوري: صراع البقاء في مواجهة الانقراض بعد ألفي عام

جاموس الغاب السوري: صراع البقاء في مواجهة الانقراض بعد ألفي عام

في قلب سهول منطقة الغاب، حيث تمتزج رائحة الأرض الندية بالمروج الخضراء، يقف "جاموس الغاب" كرمز للصمود عبر تاريخ يمتد لألفي عام. لكن اليوم، لم يتبق من هذا الكائن الفريد سوى 400 رأس، موزعة على أربع قرى فقط، في معركة شرسة ضد خطر الانقراض.

منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) أدرجت هذا الحيوان في عام 2000 على قائمة الكائنات المهددة بالانقراض، وذلك بسبب تدهور المراعي، وتهجير السكان، وضعف العائد الاقتصادي. ومع انخفاض أعداده من 2200 رأس عام 2011 إلى 500 رأس فقط في عام 2024، أصبحت جهود إنقاذه ضرورة وطنية ملحة.

محطة شطحة.. بصيص الأمل الأخير

في هذا الوضع الحرج، تبرز "محطة بحوث شطحة"، التي تأسست عام 1996 بهدف حماية الجاموس السوري. تضم المحطة اليوم 160 رأساً، وتقود أبحاثاً علمية للحفاظ على السلالة وتحسين إنتاجيتها.

يشير درباس إلى أن سوريا تعرف نوعين من الجاموس: الأول هو جاموس المستنقعات، الذي يعيش في الغاب ويشبه سلالة غرب الأناضول، ويتميز بكونه "ثنائي الغرض" (للحم والحليب). والثاني هو جاموس الأنهار، الذي يتواجد في الجزيرة السورية وأصله من العراق. لكن كلا النوعين يواجه خطر الاختفاء بسبب تراجع المراعي وندرة الدعم.

جهود بيطرية.. لقاحات لمواجهة المصير المجهول

من جانبه، أكد الدكتور مازن يوسف، رئيس الشعبة البيطرية في محطة بحوث شطحة، أنهم يقدمون لقاحات ضد أمراض مثل الحمى القلاعية والجدري. وأضاف: "نحن نكافح يومياً لإنقاذ كل رأس، فالتهاب الضرع والأمعاء يهدد القطيع، ونحن بحاجة إلى أدوية أكثر فعالية".

أشار المربون إلى أن تهجير قرى مثل الكريم والتوينة والشريعة بسبب الأزمات، أدى إلى تدهور تربية الجاموس. وقال المربي سليمان سلوم من شطحة: "ورثنا هذه المهنة عن أجدادنا، لكننا على وشك خسارتها، حيث خسرت 16 رأساً بسبب نقص الأدوية والأعلاف، ونطالب الدولة بدعمنا قبل فوات الأوان".

نداء أخير.. إنقاذ الجاموس قبل أن يصبح مجرد ذكرى

أوضح سليمان أن جاموس الغاب ليس مجرد حيوان، بل هو جزء من الهوية البيئية لسوريا، وإذا اختفى فستفقد البلاد ثروة جينية لا تعوض. وأشار إلى أن ذلك يتطلب إنقاذه وتوزيع أعلاف مدعومة للمربين، ومنح قروض ميسرة لشراء الأدوية والسلالات الجديدة، مع تنفيذ حملات توعية بأهمية الحفاظ على هذا الإرث.

في مستنقعات الغاب، حيث تتراجع تربية الجاموس تدريجياً، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: هل نسمح لهذا الكائن الصامد منذ ألفي عام أن يختفي بصمت؟ أم أننا سنكون الجيل الذي يكتب له فصلاً جديداً من البقاء؟

مشاركة المقال: