الجمعة, 4 يوليو 2025 11:07 AM

حسرة مزارعي الحسكة: أمتار تفصلهم عن أراضيهم المحرومة منذ سنوات

حسرة مزارعي الحسكة: أمتار تفصلهم عن أراضيهم المحرومة منذ سنوات

دلسوز يوسف – نورث برس

منذ ست سنوات، يكتفي المزارع والمعلم سليمان الدرويش بالنظر إلى أرضه الزراعية الممتدة على مرمى البصر من منزله في قرية محرملة بريف بلدة زركان (أبو راسين) شمال الحسكة، دون أن يتمكن من الاقتراب منها بسبب السواتر الترابية وخطوط التماس التي فرضها تقدم القوات التركية وفصائل موالية لها. ومع الاجتياح التركي لمدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض أواخر عام 2019، تحولت قرى وبلدات شمالي الحسكة إلى خطوط تماس، مما صعب على السكان والمزارعين الوصول إلى أراضيهم بسبب القصف المتكرر.

واقع مفروض

يقول سليمان الدرويش، (35 عاماً)، وهو معلم مدرسة بالقرب من خط التماس، لنورث برس، "نملك كعائلة 500 دونم من أصل 4 آلاف دونم تشكل مجمل أراضي القرية، وكانت مصدر رزقنا الوحيد. اليوم، نحرم منها تماماً بسبب الوضع الأمني المستمر منذ 2019". ويعتمد معظم سكان منطقة الحسكة على الزراعة كمصدر رئيسي للرزق، إلا أن وقوع مساحات واسعة من الأراضي في المناطق المحرمة (الأراضي الواقعة على خطوط التماس) أثرت على الوضع الاقتصادي للكثير منهم. ويضيف "الدرويش" أن مردود المحاصيل الزراعية كان جيداً، ولم يكن هناك حاجة للعمل في مجالات أخرى، حيث كانوا يزرعون القطن والقمح والمحاصيل الصيفية. ويقول بحسرة: "من الصعب أن نترك أراضينا وننظر إليها على بعد عدة أمتار خلف الساتر دون القدرة على زراعتها، وبدت نتائجها ظاهرة نتيجة هجرة شباب القرية لعدم توفر مردود مادي آخر". وتشير إحصائيات لجنة الزراعة في تل تمر إلى أن نحو 20 ألف دونم من الأراضي الزراعية تقع اليوم ضمن مناطق محرّمة (خطوط التماس) ممنوعة الاقتراب منها على حدود ريفي زركان (أبو راسين) وتل تمر، شمال الحسكة.

خسائر ومعاناة

بالمرور بين القرى ومركز البلدة، تبرز مشاهد الدمار في المنازل والمحال التجارية، التي تشهد على القصف المتكرر للقوات التركية، ويبدو جلياً وجود القاعدة التركية القريبة من قرية محرملة، التي تبعد بضعة كيلومترات فقط. وبينما تمر السيارات قرب الساتر الترابي، يخشى سكان قرية محرملة على غرار القرى الواقعة على خطوط التماس تجاوز الساتر خوفاً من الاستهداف. وكحال سكان قريته، حرم إبراهيم عباس، من أرضه الزراعية البالغة 500 دونم أيضاً، بعدما كانت مصدر رزقهم، ليضطر إلى فتح بقالية ضمن القرية ليعيل أسرته. وبالقرب من الساتر الترابي، يقول "عباس" لنورث برس، "نتيجة الظروف أصبحت أراضينا خلف الساتر، وكعائلة كنا نعتمد بشكل أساسي على الزراعة، العديد من إخوتي وأبناء القرية هاجروا إلى تركيا وهولندا". ويضيف بنبرة حزن: "وضعنا سيء ومأساوي، أعمل في البقالية بينما توجه آخرون إلى أعمال أخرى، لكن مهما نعمل فهي خسارة بدون الزراعة". ويتذكر الشاب العشريني كيف كانت أراضيهم تدر عليهم الأموال وتكفل لهم حياة كريمة: "كانت الأرض تنتج بشكل جيد، وعائلة بأكملها كانت تعيش منها، كان لدينا سيارة وجرار زراعي بفضل خيرها، كنا مكتفين تماماً".

دمار وصعوبة المعيشة

في مركز بلدة زركان (أبو راسين)، نزح سكان الحي الغربي بشكل شبه كامل بعد أن دمر القصف معظم منازلهم، وسط حركة خفيفة للمارة. ويقول حسن عبدالله، الذي دُمر منزله مطلع 2024 واستقر في الأحياء الشرقية: "البلدة قسمت إلى نصفين بفعل القصف، ومنزلي يقع في بداية الحي الغربي قرب الساتر الترابي، المعروف بالمنطقة المحرمة". ويشير إلى أنه منذ تمركز القوات التركية على مشارف البلدة، لم يتمكن من الوصول إلى أرضه الزراعية التي تبعد كيلو مترات قليلة من منزله، واضطر للعمل بأعمال حرة. ويقول: "أرضي تبلغ 50 دونماً، وأراضي عمومتي نحو 100 دونم، كنا نزرع فيها كل شيء، من قمح وقطن وخضروات للبيت، بعد التهجير لم يبق شيء سوى النظر إلى أراضينا فقط". ويضيف: "الوضع الاقتصادي حالياً تحت الصفر، لم يعد هناك مصدر للعيش، كانت الأرض المصدر الوحيد، فإذا لم نزرع القمح لا نستطيع تأمين المونة أو تربية الأغنام للاستفادة من إنتاجها". ورغم المعاناة وصعوبة العيش، يأمل "عبد الله" عودته وجميع النازحين والمهجرين قسراً إلى منازلهم واستعادة أراضيهم، وأن تعود بلدتهم كما سابقاً "تنبض بالحياة والسلام".

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: