انتقدت حكومة تركستان الشرقية في المنفى ما وصفته بـ "اصطفاف" الحكومة السورية مع الصين في مجالات "الأمن" و"مكافحة الإرهاب". واعتبرت الحكومة في بيان لها أن دمشق تتبنى رواية بكين ضد قضية تركستان الشرقية، وتدعم ما تصفه بـ "الإبادة والاستعمار والاحتلال" المستمرة في الإقليم.
أصدرت الحكومة بيانًا من واشنطن، الثلاثاء 18 تشرين الثاني، جاء فيه أن التقارب يمثل "خيانة مباشرة لتضحيات الإيغور" الذين شاركوا في القتال داخل سوريا. وأشارت حكومة المنفى إلى أن دورهم كان "حاسمًا" في تمكين الفصائل التي كانت تقودها "هيئة تحرير الشام" (حلّت نفسها) من إسقاط النظام السوري السابق.
وكان وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، قد زار الصين في 17 تشرين الثاني. وأصدرت وزارة الخارجية السورية بيانًا مشتركًا مع الخارجية الصينية أكدت فيه موقف سوريا الداعم لمبدأ "الصين الواحدة"، واعترافها بسيادة الحكومة الصينية، بما في ذلك رفض أي تدخل في شؤونها الداخلية، ودعمها لجهود الحكومة الصينية في تحقيق إعادة التوحيد الوطني. وأكد الطرفان على مكافحة الإرهاب وتعزيز التنسيق والتعاون الأمني بين البلدين.
وذكرت حكومة المنفى أن عشرات الآلاف من الإيغور جرى استدراجهم إلى "الحزب الإسلامي التركستاني" (TIP) في سوريا عبر شبكات استخبارات صينية وتركية، ووُعدوا بدعم لاحق لـ "تحرير تركستان الشرقية". وبحسب البيان، نُشر هؤلاء المقاتلون إلى جانب "جبهة النصرة" قبل إعادة تسميتها إلى "هيئة تحرير الشام"، وقُتل الآلاف منهم في معارك كـ "وقود للمدافع".
وأشار البيان إلى أن "الحزب الإسلامي التركستاني" تأسس في باكستان عام 1997 كمشروع تابع للاستخبارات الصينية يهدف إلى تشويه حركة الاستقلال في شرق تركستان عبر ربطها بالإرهاب والجهاد العالمي. وأضاف أن الحزب "صرف الإيغور عن قضيتهم الوطنية، وجذبهم إلى صراعات بالوكالة، وقدم لبكين ذريعة مصطنعة لترويج مزاعم الإرهاب الإيغوري".
وقال رئيس حكومة المنفى، مامتيمين علاء، إن تعهد الحكومة السورية بتوسيع تعاونها الأمني مع الصين "يمثل خيانة عميقة لآلاف الإيغور الذين قتلوا خلال مشاركتهم في الثورة السورية". وأضاف: "كان على سوريا أن تدين سياسة الصين القائمة على الاستعمار والإبادة والاحتلال في تركستان الشرقية، لا أن تدعمها".
ووفقًا للبيان، استغلت الصين وجود مقاتلين إيغور في سوريا منذ عام 2014 لتبرير حملتها ضد الإيغور، والتي تصفها حكومة المنفى بأنها "إبادة ممنهجة" شملت اعتقال ملايين الإيغور والقرغيز والكازاخ في معسكرات اعتقال وسجون، وفرض العمل القسري، وتعقيم مئات آلاف النساء قسريًا، وإجهاض ملايين الأجنة، وفصل أكثر من مليون طفل عن أسرهم، وتدمير أكثر من 16 ألف مسجد وحرق ملايين الكتب الدينية وتجريم الممارسات الدينية والثقافية.
ويؤكد البيان أن "نضال تركستان الشرقية هو حركة تحرر وطني مشروعة مرتبطة بحق تقرير المصير ونزع الاستعمار"، وأنه لا يرتبط بـ "الإرهاب أو التطرف أو الانفصال أو الأصولية الدينية". وتعتبر أن غالبية الإيغور في سوريا هم "ضحايا استغلال استخباراتي صيني-تركي"، ويجب "فصلهم عن قيادات الحزب الإسلامي التركستاني المرتبطة بالاستخبارات الصينية والتركية وحمايتهم وتأمين إعادة تأهيلهم، لا تسليمهم".
ودعا وزير خارجية حكومة المنفى، صالح حديار، الحكومة السورية إلى "وقف أي خطوات تهدد سلامة الإيغور في سوريا أو تقوض نضال تركستان الشرقية". وأعرب عن استعداد حكومته للتواصل مع سوريا والولايات المتحدة ودول أخرى "للبحث عن حلول تحمي الإيغور وتعزز الأمن العالمي وتدعم حق شعب تركستان الشرقية في الحرية والاستقلال والسيادة".
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين السورية قد نفت تسليم مقاتلين من الإيغور إلى الصين، بعد أن نقلت وكالة "فرانس برس" في 17 تشرين الثاني عن مصدرين سوريين، أن سوريا تعتزم تسليم مقاتلين من الإيغور إلى الصين.
انتقاد لدمج الإيغور بالجيش
أعربت حكومة تركستان الشرقية بالمنفى، في 4 حزيران الماضي، عن "قلق عميق" إزاء التقارير التي تتحدث عن دمج مقاتلين إيغور في الجيش السوري ضمن ترتيبات تقول إنها مدعومة من الولايات المتحدة. وفي بيان نشرته عبر صفحتها في "فيسبوك"، شدّدت على أن "الحزب الإسلامي التركستاني" لا يمتّ بصلة لقضية الاستقلال الوطنية، بل يعمل، منذ تأسيسه، كأداة أيديولوجية متطرفة وواجهة تستخدمها الاستخبارات الصينية لتشويه حركة التحرر بربطها بالإرهاب والجهاد العالمي.
وأوضحت الحكومة أن آلاف الإيغور جرى استدراجهم إلى سوريا بوعود مضللة في إطار تنسيق بين أجهزة استخبارات صينية وتركية، ليُستخدموا لاحقًا كعناصر مستهلكة في صراعات إقليمية لا تمتّ بصلة لقضيتهم. وترى الحكومة أن الواجب يقتضي فصل هؤلاء المقاتلين عن قياداتهم "المخترقة"، وإعادة تأهيلهم وفق مقاصد إسلامية أصيلة وهوية تركستانية وطنية. كما أبدت استعدادها للتعاون مع واشنطن ودول شريكة لإيجاد حل يضمن سلامة الإيغور في سوريا، ويحفظ الأمن العالمي، ويلتقي مع تطلعات شعب تركستان الشرقية نحو الحرية والاستقلال والسيادة.
ما حكومة تركستان الشرقية في المنفى؟
تقدّم حكومة تركستان الشرقية في المنفى نفسها بوصفها الممثل الديمقراطي المنتخب لشعب تركستان الشرقية، بعد أن فقد الإقليم استقلاله عقب إسقاط جمهورية تركستان الشرقية عام 1949 من قبل الصين، ما دفع قادته السياسيين والعسكريين إلى اللجوء خارج البلاد. وعلى مدى عقود من الحكم الصيني، ظهرت كيانات متعددة حاولت تمثيل القضية في الخارج، لكنها لم تستطع تشكيل حكومة في المنفى بسبب غياب دولة مضيفة.
وفي 14 أيلول 2004، تأسست حكومة تركستان الشرقية في المنفى رسميًا في واشنطن، بمبادرة من قيادات إيغورية وكازاخية وشخصيات استقلالية تمثل أكثر من 12 منظمة من الشتات، عقب حل مؤتمر تركستان الشرقية الوطني. وتعمل الحكومة بهيكل ديمقراطي يضم برلمانًا منتخبًا ورئاسة ونائبًا للرئيس ورئيسًا للوزراء وهيئة رئاسة للبرلمان، ويجري انتخاب أعضائها كل أربع سنوات من قبل مجتمعات التركستانيين في دول اللجوء.
ويرتكز عملها على السعي لاستعادة استقلال تركستان الشرقية، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الدينية والديمقراطية لشعب الإقليم في الداخل والشتات، مع الحفاظ على شبكة واسعة من العلاقات والتنسيق مع المنظمات الإيغورية والتركستانية حول العالم لدعم أهدافها السياسية والحقوقية.
الخارجية السورية تنفي تسليم مقاتلين إيغور إلى الصين