يمثل إعلان وزير الخارجية أسعد الشيباني عن وضع الحكومة السورية "خريطة طريق واضحة لحل الأزمة في محافظة السويداء" نقطة تحول في الخطاب السياسي. لا يقتصر الأمر على كونه مجرد إعلان عن برنامج عمل، بل يعكس انتقالًا مدروسًا من إدارة الأزمة إلى صياغة حلول مستدامة.
تستند الخريطة، المدعومة إقليميًا ودوليًا، إلى ثلاثة مرتكزات أساسية: المحاسبة، العدالة، والصلح المجتمعي، وتحمل أبعادًا سياسية واجتماعية وقانونية عميقة.
على الصعيد السياسي، تشير الخريطة إلى انفتاح واعٍ على الشركاء الإقليميين والدوليين، من خلال الاستفادة من دعم الأردن والولايات المتحدة وبالتنسيق مع المنظومة الأممية، مع الحفاظ على السيادة الوطنية. يمنح هذا الانفتاح المدروس الخطة غطاءً دوليًا ضروريًا لإنجاحها، دون المساس بطابعها الوطني المستقل. تتيح هذه المعادلة للحكومة الموازنة بين حاجتها إلى المساندة التقنية والسياسية، وواجبها في الحفاظ على القرار الوطني المستقل.
أما على الصعيد القانوني، فالمحاسبة التي نصت عليها الخريطة ليست مجرد شعار، بل هي أساس أي صلح مجتمعي. لا يمكن لمجتمع عانى من الاعتداء على أرواح وممتلكات أبنائه تجاوز مأساته دون إجراءات قضائية واضحة تعيد الاعتبار إلى الضحايا وتردع تكرار الانتهاكات. هنا تبرز أهمية التنسيق مع المنظومة الأممية في التحقيق والتقصي، مما يعكس وعيًا رسميًا بأن العدالة المحلية تزداد قوة حين تستند إلى معايير دولية معترف بها، وهو ما يضفي على العملية بعدًا إضافيًا من الشرعية والشفافية.
اجتماعيًا، تشير الخريطة إلى أن الصلح المجتمعي يتجاوز بيانات التهدئة، ويتطلب عملية طويلة الأمد تشمل التعويض، إعادة الخدمات، وإشراك الفاعلين المحليين في اتخاذ القرار. تبرز أهمية الخريطة ليس فقط في محاسبة المعتدين، بل في إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة. هذه الثقة لا تستعاد إلا عبر إجراءات ملموسة تطول حياة الناس اليومية، مثل توفير الكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، وفرص العمل.
من الواضح أن خريطة الطريق التي أعلنها الشيباني ليست مجرد برنامج مؤقت، بل مشروع لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع في السويداء، مما يساعد على الانتقال من إدارة الأزمات إلى صناعة الاستقرار.