رفضت "اللجنة القانونية العليا في السويداء" التابعة لحكمت الهجري، الخطة التي اتفقت عليها سوريا مع الولايات المتحدة والأردن لحل أزمة السويداء. وقد أُعلن عن هذه الخارطة يوم الثلاثاء عقب اجتماع ثلاثي في دمشق.
أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عن الخارطة خلال مؤتمر صحفي في العاصمة السورية، بحضور وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، والسفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس برِاك. وتم الاتفاق على الحل "على أساس وحدة الأرض السورية".
وذكر بيان اللجنة التابعة للهجري أن الحل يكمن في إقرار ما أسمته "حق تقرير المصير"، وصولاً إلى خيار "الانفصال"، معتبرة أن ما جرى في تموز كان "جرائم ضد الإنسانية"، وأن الحل لا يكون "بتجاوزها".
وفي تعليقه على ذلك، قال حسام نجار، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الدولي، لقناة حلب اليوم، إن "الحكومة السورية حاولت منذ التحرير أن تلملم الجراح، وأن تعفو عن الناس الذين كانوا سببًا في تهجير وقتل الشعب السوري، لكن هذا كله لم يشفع لها، فحاولت مجموعات عديدة، وفي مناطق متعددة، أن تزيد عبء هذه المرحلة بطلباتها ورغباتها في الانفصال، وما هنالك من مطالب خارجة عن المألوف والعقلانية".
وأضاف نجار أن الدولة حاولت بشتى الوسائل – خاصة في موضوع السويداء – أن "تلملم هذه الجراح، وأن تدعو الجميع إلى أن يكونوا أعضاء فاعلين في هذه الدولة، لكن أبى هؤلاء إلا أن يستقووا بالكيان الإسرائيلي وبالعناصر الخارجة عن القانون التي لجأت إليهم، وحاولوا أن تكون تلك العناصر هي البديل الذي يُغني عن الدولة السورية بشكل كامل، وأن تكون هناك مجموعات تعمل خارج القانون ضد الدولة السورية".
إعلان أمريكي واضح
أكد بيان الخارجية السورية أن "المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأمريكية تؤكدان التزامهما العمل مع سوريا وبشراكة حقيقية لمساعدتها في بناء مستقبل يسوده السلام والاستقرار لكل شعبها. وستدعم الدول الثلاث الجهود الرامية لإعادة بناء سوريا على الأسس التي تحفظ أمنها واستقراراها ووحدتها وسيادتها، وتلبي تطلعات كل السوريين وتحفظ حقوقهم".
ويرى نجار أن موقف الهجري صعب بعد هذا التوافق بين الحكومة السورية وواشنطن وعمّان، حيث يستقوي الهجري بالاحتلال الإسرائيلي، لكن الموقف الأمريكي سيكون أقوى.
وأشار إلى أن الدولة حاولت في كل المفاصل أن تكون السويداء جزءًا أساسيًا من الدولة السورية، "لكن رفض هؤلاء لخارطة الطريق التي تم العمل عليها من ثلاث دول، هي: سوريا، وأمريكا، والأردن، دليل على أنهم تقوّوا بالعدو الإسرائيلي الذي يمدّهم بأسباب البقاء. لكن هذا لن يدوم، لأن هناك دولة أقوى من إسرائيل، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، الراعية لهذا الكيان".
ويضيف نجار أن أمريكا تحاول بشكل عام أن تكون سوريا واحدة موحّدة، لأن التعامل مع رأس واحد في الدولة أفضل من التعامل مع عدة رؤوس. وبالتالي، فاللجنة القانونية التي أسسها الهجري، ويعتقد أنه قادر من خلالها على أن يكون قائدًا أو رئيسًا أو محورًا أساسيًا في التفاوض مع الدولة، لن تبقى. وهناك خطوات ستعمل عليها أمريكا، وهذه الخطوات ستجعل من السويداء تابعة للدولة، رغمًا عن الرافضين".
ويرى نجار أن الهجري "لا يستطيع الآن تغيير موقفه من المطالبة بدولة مستقلة إلى الخضوع لخارطة الطريق التي فُرضت، وإلا سيُقال إنه أهدَر دماء الضحايا في السويداء، وإنه كان السبب في هذا الدمار، سواء في السويداء أو في عمليات القتل التي طالت أهلنا من العشائر.. الآن، لا يستطيع الهجري التنازل عن الموقف الذي اتخذه، والدولة ماضية في خطواتها وفي تنفيذ رغبتها بأن تكون السويداء جزءًا لا يتجزأ من سوريا، وسيخضع الرافضون لذلك رغمًا عنهم، لأن هناك قوى كبيرة تعمل على هذا الملف، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية".
وبحسب البيان فستعمل الدول الثلاث، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، على تعزيز عملية سياسية شاملة، بقيادة سورية، تعيد بناء المؤسسات السورية وتضمن تمثيل جميع السوريين فيها، وتحتفي بتعددية المجتمع السوري وتضمن المساواة بين جميع السوريين بموجب القانون وعلى أساس المواطنة.
ومن المقرّر أن "يدعم الأردن والولايات المتحدة الحكومة السورية في تجاوز التحديات التي تواجه هذه العملية، وبما في ذلك في مجالات إعادة البناء، وبناء المؤسسات، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وإنهاء الخلافات المجتمعية وتحقيق المصالحة الوطنية".
وكانت الحكومة السورية قد وجّهت بدعم عمل لجنة التحقيق في أحداث السويداء، مؤكدة عزمها محاسبة المتورطين بالانتهاكات من كافة الأطراف.