يشهد الوضع الإنساني والاقتصادي في محافظة دير الزور تدهورًا مستمرًا، حيث تتكشف يومًا بعد يوم فصول المعاناة التي يعيشها السكان العائدون إلى مدينتهم المنكوبة بعد سنوات الحرب والدمار. وبينما تحاول بعض العائلات ترميم ما تبقى من منازلها المدمرة والعودة إليها، يفضل آخرون البقاء في مناطق النزوح أو خارج البلاد، وذلك بسبب انعدام مقومات الحياة الأساسية.
نسب فقر مرتفعة
أكد محافظ دير الزور، غسان السيد أحمد، في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز، أن حوالي 88% من سكان المحافظة يعيشون تحت خط الفقر. وأضاف أن العديد من النازحين عادوا في الأشهر الأخيرة إلى ديارهم ليجدوا منازلهم متضررة بشكل كبير، بينما اختار آخرون البقاء بعيدًا عن مدينتهم لعدم توفر مأوى مناسب لهم.
مدينة غير قابلة للسكن
من جهته، أوضح بشار الحسن، أحد سكان دير الزور في حديث لمنصة سوريا 24، أن المدينة تتكون من 26 حيًا، منها 24 حيًا غير صالحة للسكن بسبب حجم الدمار الهائل. وأشار إلى أن نسبة الدمار في كل منزل تقريبًا تتجاوز 70 إلى 90 بالمئة، وأن بعض المنازل مدمرة بالكامل بنسبة 100 بالمئة. وأضاف أن الأهالي الذين عادوا من تركيا أو من الشمال السوري أو من محافظات أخرى صُدموا بحجم الدمار، بالإضافة إلى غياب مقومات الحياة الأساسية.
وأشار الحسن إلى أن الوضع الاقتصادي للنازحين كان سيئًا للغاية، مما أفقدهم القدرة على إعادة الإعمار، وهو ما دفع الكثيرين للاستقرار في أماكن نزوحهم سواء في تركيا، أو إدلب، أو الشمال السوري.
تراجع في نسب العودة
أكد الحسن أن نسبة العودة إلى دير الزور تتراجع يومًا بعد يوم، موضحًا أن قسمًا كبيرًا من السكان فضل البقاء في عفرين أو إدلب أو تركيا، نظرًا لاستمرار الدمار وغياب الخدمات. وأضاف أن الكهرباء والمياه متوفرة ولكن بشكل محدود جدًا، ولا تكفي لتهيئة بنية تحتية تساعد على عودة الناس إلى بيوتهم.
البطالة وانعدام فرص العمل
أما أبو محمد، وهو من سكان دير الزور، فأوضح في حديث لمنصة سوريا 24، معاناة الأهالي قائلًا: "المواطن يعيش بنقص حاد في فرص العمل، مع تفشي البطالة، ما يدفعه لفقدان معظم مقومات الحياة. بعض الأهالي يعودون ليعيشوا في بيوت مدمرة، لأنه لا خيار آخر أمامهم".
واقع مأساوي بلا حلول قريبة
تعكس هذه الشهادات الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان دير الزور، فبين الفقر المدقع وغياب الخدمات وتفشي البطالة، تبقى عودة الحياة إلى طبيعتها في المحافظة بعيدة المنال. ويؤكد الأهالي أن الحاجة ملحة إلى خطط إعادة إعمار عاجلة، ومساعدات دولية فاعلة، لتمكين الناس من العودة والاستقرار بدل البقاء في أماكن النزوح أو العيش بين أنقاض المنازل المهدمة.