الجمعة, 27 يونيو 2025 12:08 AM

رحلة محفوفة بالمخاطر: طلاب دير الزور يعبرون الفرات يوميًا بحثًا عن التعليم

رحلة محفوفة بالمخاطر: طلاب دير الزور يعبرون الفرات يوميًا بحثًا عن التعليم

في مشهد يتكرر كل صباح، يخاطر العشرات من طلاب ريف دير الزور الشرقي بحياتهم لعبور نهر الفرات على متن قوارب متهالكة، غير آمنة، للوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية على الضفة الغربية. هذا الواقع المرير، الذي أصبح مألوفًا في بلد مزقته الحرب، يسلط الضوء على معاناة هؤلاء الطلاب الذين يصرون على حقهم في التعليم رغم الظروف الصعبة.

الطالب الجامعي عبد الرحمن الطه (اسم مستعار) يصف تجربته اليومية قائلًا: "نخرج من بيوتنا ولا نعلم إن كنا سنعود سالمين". يدرس عبد الرحمن في كلية العلوم بدير الزور، ويضطر يوميًا لاستخدام طوافة خشبية يديرها شابان من المنطقة مقابل أجر. ويضيف: "في كثير من الأحيان، نضطر للعودة بسبب الرياح أو الدوريات المفاجئة التي تعيق حركة العبارات. ذات مرة، كدنا نغرق في وسط النهر بعد تسرب المياه إلى القارب".

المعاناة لا تقتصر على المخاطر، بل تمتد إلى الجانب الاقتصادي. خالد الحسين، والد طالبتين في المرحلة الثانوية، يقول: "أدفع يوميًا أكثر من 50 ألف ليرة فقط لنقلهما إلى المدرسة. أحيانًا تضطران للغياب بسبب عدم توفر المال الكافي. أفكر جديًا في تزويجهما لإنهاء هذه المعاناة". ووفقًا لشهادات الأهالي، تتراوح تكلفة العبور بين 10 و 20 ألف ليرة للشخص الواحد في الاتجاه الواحد، في ظل غياب أي دعم أو تنظيم رسمي لوسائل النقل.

بعد تدمير معظم الجسور التي تربط ضفتي النهر خلال العمليات العسكرية في السنوات الماضية، أصبحت وسائل النقل النهرية الخيار الوحيد، لكنها تفتقر إلى التنظيم والرقابة. لا توجد مبادرات جادة لتوفير بدائل أكثر أمانًا، باستثناء بعض المحاولات الفردية التي غالبًا ما تواجه بالمنع أو التقييد من قبل الجهات المسيطرة على الضفتين.

ميساء العبيد (اسم مستعار)، مديرة مدرسة في بلدة المريعية، تقول: "نستقبل يوميًا طلابًا قادمين من شرق النهر، بعضهم يصل متأخرًا أو مبتلًا، والبعض الآخر لا يصل إطلاقًا. الوضع خطير جدًا، ونخشى أن نفقد أحدهم في أي لحظة". وتضيف: "وزارة التربية مطالبة بالتنسيق مع الجهات المعنية لإنشاء معابر تعليمية مؤقتة أو دعم خطوط نقل نهرية رسمية. هؤلاء الطلاب ليسوا طرفًا في النزاع، وهم مستقبل البلاد".

تشير مصادر محلية إلى أن العديد من طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية اضطروا لترك الدراسة بسبب المخاوف الأمنية أو الضغوط الاقتصادية، بينما أصبحت الجامعات حلمًا بعيد المنال للكثيرين في ظل هذه الظروف. ورغم الجهود الفردية التي يبذلها الأهالي والمعلمون للتخفيف من هذه المعاناة، إلا أن الأزمة لا تزال قائمة، وبينما تتسارع الاستعدادات للعام الدراسي القادم، يبقى مصير مئات الطلاب معلقًا بين ضفتي نهر تحول إلى حاجز مائي بين الطموح والمجهول.

مشاركة المقال: