رسالة من د. عبد الكريم بكار إلى كل من عاد إلى سوريا بعد غياب. العودة إلى الوطن الجريح ليست نزهة سياحية، بل دخول إلى أرض خرجت للتو من العناية المركزة. لذا، اخفض صوتك، وهدئ من روعك، وتخلَّ عن نظارات المقارنة.
سوريا ليست فقيرة في الكرامة، بل هي مثخنة بالجراح. ليست متعبة في جوهرها، بل منهكة من قسوة الزمن وخذلان الأقربين. فإن لم تكن طبيبًا يشارك في إعادة تأهيلها، فلا تكن ناقدًا يسخر من آثار الجراح!
إذا لم تجد فيها ما يسرك، فلا يحق لك أن تقول: "البلد تعبان". فالتعب ليس تهمة، بل شهادة على الصمود. وليس من العدل أن تحمّل الضحية وزر الجريمة، أو أن تعاتب المريض على هزاله.
ساعد أو اصمت.
ابتسم في وجوه أهلها، وزع الورد على الأرصفة، املأ قنينة ماء وضعها عند إشارة مرور، علّم طفلاً كلمة طيبة، ازرع شجرة في زقاق مهمل... لا تستهن بفعل صغير، فالوطن ينهض حين يؤمن أبناؤه بأن النهوض ممكن، وأن هناك من عاد ليعين لا ليدين.
وإن لم تستطع أن تكون بلسماً، فكن غائباً لا يؤلم. وإن لم تكن قادراً على البناء، فلا تكن معولاً للهدم.
سوريا لا تنتظر من أبنائها الدموع، بل الأفكار. لا تنتظر الرثاء، بل الأمل. لا تريد ممن عاد أن يذكرها بخرابها، بل أن يعينها على ترميمه.
سوريا لا تحتاج جمهوراً يصفق أو يستهزئ، بل فريقاً ينزل إلى الميدان، ويحمل الطوب، ويقبل التراب، ويقول: "جئت لأبني وطني". (موقع أخبار سوريا الوطن١-صفحة الكاتب)