في حمص، عام 2005، وقبل أن تعصف الأحداث بالمدينة، أطلق الصحفي السوري فتحي بيوض جريدة "زمان الوصل" الإلكترونية. الاسم المستوحى من بيت الشعر "يا زمان الوصل في الأندلس"، لم يكن مجرد عنوان، بل أصبح رمزاً للوصول إلى الحقيقة في زمن اشتدت فيه أهمية الكلمة.
بدأ الموقع كمنصة أدبية تهتم بالشعر والفكر، ثم تحول إلى منبر إخباري يواكب تطلعات جيل جديد من السوريين الباحثين عن مصدر معلومات بديل. ومع اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011، تحول "زمان الوصل" إلى منبر معارض صريح، مما أدى إلى حظره من قبل النظام السوري وملاحقة أجهزته الأمنية لعدد من محرريه.
تميزت "زمان الوصل" بقدرتها على الوصول إلى معلومات حساسة، حيث نشرت:
- 2056 صورة من أرشيف "صور قيصر" التي تظهر جثث معتقلين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام.
- قوائم بأسماء 8000 معتقل قضوا في السجون (قائمة تحوي اسماء 8000 شهيد تم تصفيتهم في سجون النظام وتحت التعذيب).
- فيديو يظهر عناصر من قوات الجيش الأسدي وهي تحرق جثث معتقلين وتدفنها في مقبرة جماعية.
- قائمة تضم 1.5 مليون اسم لأشخاص مطلوبين للنظام السوري.
في عام 2016، كانت "زمان الوصل" أول وسيلة إعلامية في العالم تفتح ملف علاقة شركة "لافارج" الفرنسية بتنظيم "الدولة الإسلامية"، حيث كشفت سلسلة رسائل إلكترونية بين مسؤولي الشركة تشير إلى تورطها في شراء النفط من التنظيم، ودفع مبالغ مالية له. كما نشر الموقع أرشيفاً ضخماً للمخابرات السورية يضم قرابة 1.7 مليون وثيقة، وكشف تفاصيل مهمة حول عمل الأجهزة الأمنية.
عاد فتحي إبراهيم بيوض، رئيس التحرير، إلى دمشق بعد سنوات من الغياب، والتقى بمحبي ومتابعي "زمان الوصل" في خطوة رمزية تؤكد استمرار الدور الإعلامي رغم كل التحديات.
بعد عشرين عاماً من التأسيس، لا تزال "زمان الوصل" تواصل مهمتها في كشف مصير المعتقلين والمختفين قسرياً، وتوثيق جرائم الحرب، معتمدة على مصادر داخل المؤسسات النظامية، ومحافظة على سمعتها كمصدر يعتمد عليه كبرى الوسائل الإعلامية العالمية.
صحيفة "زمان الوصل" ليست مجرد موقع إخباري، بل هي صوت للحقيقة في زمن الحرب، وشاهد على معاناة شعب، وذاكرة تحفظ ما حاول النظام طمسه.