الإثنين, 13 أكتوبر 2025 06:15 AM

زيغريد هونكه: المستشرقة الألمانية التي دافعت عن الحضارة العربية وأثرها على الغرب

زيغريد هونكه: المستشرقة الألمانية التي دافعت عن الحضارة العربية وأثرها على الغرب

تُعد زيغريد هونكه، المستشرقة الألمانية المعروفة بنزاهتها، من أبرز المستشرقين الغربيين الذين أنصفوا الحضارة العربية الإسلامية. لقد تصدت بشجاعة، مستخدمة قلمها، لكل محاولات الإساءة إلى العرب والإسلام، وكرست جهودها لإبراز فضل الحضارة العربية وإنجازاتها العلمية التي كانت الأساس لنهضة أوروبا الحديثة، بل والإنسانية جمعاء.

وقد حظيتُ بشرف لقائها وإجراء حوار صحفي معها لجريدة "الثورة" خلال مشاركتها في ندوة "العلم والعمل في بلاد الشام" التي أقيمت في البيمارستان النوري بدمشق عام 1983. في ذلك اللقاء، لمستُ عمق معرفتها بالحضارة العربية، ومن هنا بدأ اهتمامي بها كعالمة ومستشرقة ومحبة للعرب وحضارتهم.

ما العوامل التي دفعت زيغريد هونكه للاهتمام بالحضارة العربية والإسلام؟ أول هذه العوامل هو نشأتها العائلية. فوالدها، هاينريش هونكه، كان صاحب دار نشر كبيرة، مما أتاح لها فرصة الاطلاع على الكتب وتكوين ثقافتها وأفكارها. أما العامل الثاني، فهو إقامتها في مدينة طنجة بالمغرب لمدة عامين (1954-1956)، حيث اطلعت عن قرب على الحضارة العربية والأندلسية التي انتقلت إلى دول المغرب العربي بعد سقوط غرناطة، وخاصةً دولة المغرب، وتعلمت اللغة العربية.

العامل الثالث هو زواجها من المستشرق شولتزا، الذي كان يتقن اللغة العربية ويتعاطف مع الحضارة العربية. أول كتاب ألّفته زيغريد هونكه كان بعنوان "توزيعا الرجل والمرأة"، وحقق انتشاراً محدوداً. لكن أهم مؤلفاتها وأكثرها شهرة هو كتاب "شمس العرب تسطع على الغرب" الذي صدر عام 1963، وحقق شهرة عالمية، حيث بيع منه أكثر من مليون نسخة وتُرجم إلى سبع عشرة لغة، منها اللغة العربية. يقع الكتاب في 588 صفحة ويتألف من سبعة أبواب، أطلقت عليها الكاتبة اسم "كتاب".

يُظهر الكتاب تأثير الحضارة العربية في أوروبا، ويستعرض إنجازات هذه الحضارة في مختلف فروع العلوم. عندما قرأت الكتاب، أُعجبت بسعة اطلاع الكاتبة على إنجازات الحضارة العربية، وتعرفت على إنجازات جديدة وأسماء علماء عرب لم أكن أعرفهم من قبل.

الكتاب الثاني لزيغريد هونكه، "الله ليس كذلك"، جاء استكمالاً لكتاب "شمس العرب تسطع على الغرب" في الدفاع عن الحضارة العربية، ويكشف زيف الأحكام المسبقة التي يأخذها الغرب عن الإسلام والحضارة الإسلامية. تلاه كتاب "الإبل على بلاط قيصر"، الذي تتحدث فيه هونكه عن العلاقات التاريخية بين العرب والألمان، وتأثيرات الحضارة العربية على الشعب الألماني، وتعدد الصفات المشتركة بين الشعبين العربي والألماني.

الكتاب الرابع، "التوجه الأوروبي إلى العرب والإسلام حقيقة قادمة وقدر محتوم"، سعى إلى رسم صورة ناصعة للحضارة العربية الإسلامية من وجهة نظر ألمانية، ويشير إلى القصيدة التي كتبها الشاعر الألماني غوتّه عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. أما آخر هذه الكتب فهو "العقيدة والمعرفة"، الذي يتناول الأزمة بين العلم والدين، ويقف عند الصراع بين الكنيسة في أوروبا ورواد الحركة العلمية، بينما يستثني الدين الإسلامي من هذا الصراع، مؤكداً على التوافق بين العلم والإيمان في ظل الإسلام الذي قامت فيه الحضارة العربية التي شعَّ نورها على كل العالم.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: