الأحد, 7 ديسمبر 2025 01:36 AM

سوريا تعود إلى الساحة الدولية من بوابة منتدى الدوحة: ترسيخ لمرحلة جديدة من الانفتاح الإقليمي والدولي

سوريا تعود إلى الساحة الدولية من بوابة منتدى الدوحة: ترسيخ لمرحلة جديدة من الانفتاح الإقليمي والدولي

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية، شاركت سوريا رسمياً في الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة (2025) كدولة، وليس كممثل للمعارضة أو جهة مستقلة. وقد مثّل حضور الرئيس أحمد الشرع، الذي تولى منصبه بعد التطورات السياسية الداخلية، علامة بارزة في مسيرة تطبيع العلاقات السورية مع دول الجوار، ويعتبر تجسيداً لنهج إعادة الاندماج الذي تتبناه دمشق منذ عام 2024، بالتزامن مع التحولات الجيوسياسية في المنطقة.

وقد كان الملف السوري حاضراً بقوة في أعمال المنتدى كواحد من أهم القضايا السياسية المطروحة، بمشاركة ممثلين عن حوالي 160 دولة، بمن فيهم مسؤولون رفيعو المستوى من دول غربية وآسيوية وعربية، مما جعل من منتدى الدوحة منصة دبلوماسية حيوية لعرض الرؤية السورية الجديدة.

تأكيد على الاستقرار ورفض التصنيفات الطائفية

ألقى الرئيس الشرع كلمة ركز فيها على محورين أساسيين: الأول داخلي، يتمحور حول تحقيق الاستقرار وبناء دولة المؤسسات؛ والثاني خارجي، يتعلق بموقف سوريا من الاحتلال الإسرائيلي وسعيها للحصول على الدعم الدولي. ومن أبرز ما جاء في كلمته: "سوريا تحولت من منطقة مصدرة للأزمات إلى نموذج للاستقرار"، معتبراً أن "الإجراءات التي اتخذناها صبت في المصلحة العامة السورية، وساعدت على تهدئة الأوضاع بعد إرث ثقيل من النزاعات تركه النظام السابق".

وأكد أن "كل الطوائف اليوم مشاركة في الحكومة دون مبدأ المحاصصة"، ودعا إلى "رفض تصنيف ما جرى في سوريا كـ«ثورة سنية»"، معتبراً أن "هذا التصنيف مغلوط ويهدد النسيج الاجتماعي". أما على الصعيد الخارجي، فقد جدد التأكيد على حق سوريا في استعادة الجولان المحتل، واصفاً إسرائيل بـ "دولة تطارد الأشباح وتصدر الأزمات".

رسالة تطبيع وانفتاح على العالم

وصف الصحفي والباحث زياد المنجد، في تصريح لمنصة سوريا 24، مشاركة الرئيس الشرع بأنها "حدث مهم ورسالة واضحة عن عزم القيادة السورية على استعادة موقع سوريا على الخريطة السياسية والاقتصادية، عربياً ودولياً". ورأى أن "هذه الخطوة تعزز فرص إبرام شراكات مع قادة وصناع قرار في مجالات إعادة الإعمار، والأمن الإقليمي، والقضايا الإنسانية، وتمنح دمشق فرصة لتوضيح رؤيتها لبناء دولة مستقرة وشفافة".

من جهته، أكد الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، في حديث لمنصة سوريا 24، أن "الزيارة مهمة بالنسبة للرئيس الشرع على صعيد تعزيز حضوره في المنتديات الإقليمية والدولية، وهي فرصة لإطلاع العالم على رؤيته لإدارة المرحلة الانتقالية، والتحديات التي تواجهها سوريا، وسبل التعامل معها". وأضاف أن "المشاركة تحمل رسائل مزدوجة: داخلية، لطمأنة السوريين على مسار الانتقال السياسي، ودولية، لإثبات أن سوريا شريك موثوق في مواجهة التحديات المشتركة، لا سيما التحدي الإسرائيلي"، على حد تعبيره.

انعكاسات إقليمية ودولية

عربياً، تُقرأ المشاركة في سياق تكريس العودة السورية الكاملة إلى جامعة الدول العربية، وتبديد الغموض الذي اكتنف موقف بعض العواصم من دمشق. وهناك مؤشرات على أن دول الخليج، ولا سيما قطر، تعيد ترتيب أولوياتها تجاه سوريا، انطلاقاً من مقاربة ترى في الاستقرار الإقليمي أولوية على الخلافات السياسية.

أما دولياً، فإن حضور الرئيس الشرع على منصة رفيعة كمنتدى الدوحة قد يسرع عمليات إعادة التموضع الدبلوماسي، خاصة مع تزايد الإشارات الأوروبية إلى إمكانية إعادة تقييم سياسة العقوبات في حال تحقق تقدم ملموس في ملفات مثل اللاجئين، ومحاربة الإرهاب، واحترام حقوق الإنسان.

وخلاصة القول، فإن مشاركة سوريا في منتدى الدوحة ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل لحظة تأسيسية في مسارها الجديد، فهي تعلن، بصوت عال، انتهاء مرحلة العزلة الطوعية أو القسرية، والدخول في مرحلة الانخراط في النظام الإقليمي.

مشاركة المقال: