في فاجعة تهز القلوب، لم تفقد أم سورية الأمل في العثور على أطفالها الثلاثة. بدأت رسالتها المؤثرة لكل "سوري حر شريف" بكلمة ترحيب، واختتمتها بامتنان عميق. رغم ثباتها الظاهر، لم تستطع عيناها حبس دمعة ألم سرعان ما مسحتها لتواصل مناشدتها.
سناك سوري-دمشق
الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نُشر لأول مرة يوم الثلاثاء على صفحتين في نفس الوقت، أي قبل 15 ساعة، وفقًا لأدوات التحقق التي استخدمها سناك سوري. إحدى هذه الصفحات كانت صفحة "الإعلامي علي محمود".
تعرّف الأم عن نفسها في بداية الفيديو بأنها والدة "حمزة ولبنى ولانا حمود"، الذين اختفوا منذ 23 آذار الماضي، بينما كانوا في طريقهم لشراء أغراض من الدكان في منطقة "بيت شنتة" بريف طرطوس. انقطع الاتصال بهم قرابة الساعة 2:30 ظهرًا.
تضيف الأم أنها لم تتلق أي خبر أو معلومة تطمئن قلبها عليهم منذ ذلك الحين، وتناشد "كل إنسان شريف حر يخاف على عرضه وأولاده" أن يساعدها في الوصول إلى أي خيط يقودها إلى أبنائها.
وتحدثت الأم عن وضعها الصحي الصعب، الذي تفاقم بفقدان أبنائها، لتكرر مناشدتها لكل "حر شريف في هذا البلد" أن يساعدها في إعادتهم.
صمت رسمي بمواجهة ظاهرة الاختطاف
انتهى الفيديو، وغابت الأم عن وسائل التواصل الاجتماعي منتظرة أي أمل، أو محاولة إحداث التأثير المطلوب لإعادة أطفالها. لم تعلق السلطات الرسمية على الخبر حتى بعد مرور 15 ساعة على نشر الفيديو. ولم تذكر الأم ما إذا كانت قد لجأت إلى الشرطة والأمن العام والإجراءات المتخذة بشأن قضية أطفالها.
صفحة "الإعلامي علي محمود" ذكرت مواليد الأطفال: حمزة (2004)، ولبنى (2005)، ولانا (2009). وقدمت الصفحة رواية لاختفاء الأبناء الثلاثة، نقلًا عن شهود عيان، تفيد بأنهم كانوا في طريقهم من المزرعة التي يعمل بها والدهم إلى دكان قريب لشراء مستلزمات إفطار رمضان، حين توقفت سيارة جيب سوداء وترجل منها شخص قام بسحب الأشقاء الثلاثة عنوة ثم لاذ بالفرار.
وبحسب صفحة الإعلامي، فإن والدهم "محسن حمود" قدّم بلاغًا رسميًا لدى الجهات المعنية، لكن حتى اليوم لم يتم التوصل لأي معلومات عن مكان وجودهم، مضيفًا أن الأم أصيبت بجلطة نتيجة هول الصدمة.
حادثة اختفاء "حمزة ولبنى ولانا" ليست الأولى من نوعها، إذ تتكرر حوادث الخطف واختفاء النساء في مناطق مختلفة من البلاد، خصوصًا في الساحل السوري، وسط صمت رسمي مقلق وتضارب في الروايات ومحاولة تبرير الاختطاف بوسائل غير منطقية، كما حدث مع الشابة من طرطوس، والطفلة "سيما حسنو" من اللاذقية.
وقبل أيام، تعرضت طفلة في اللاذقية لمحاولة اختطاف باءت بالفشل. وقال والدها "بسام سعد الدين" في منشور له عبر الفيسبوك، إن ابنته "سارة" البالغة من العمر 14 عامًا تعرضت لمحاولة اختطاف من قبل شبان يستقلون سيارة سوداء مفيمة، وتمكنت من الهرب، مشيرًا إلى أن الحادثة جرت عند الرابعة عصرًا في حي الرمل الشمالي بشارع "غسان حرفوش".
ورغم النهاية السعيدة نسبيًا لهذه الحادثة، إلا أن تفاصيلها تتقاطع بشكل مثير للقلق مع رواية والدة الأطفال الثلاثة، خصوصًا لجهة استخدام سيارة سوداء مفيمة، واختطاف الضحايا في وضح النهار، ما يطرح تساؤلات جدية عن الجهات الفاعلة ودوافعها، ويزيد من حالة الذعر في أوساط الأهالي.
حتى الآن، لا توجد مؤشرات على فتح تحقيقات شفافة أو صدور بيانات رسمية توضح حقيقة ما يجري، في ظل ازدياد وتيرة هذه الحوادث التي تستهدف النساء على وجه الخصوص، ما يُنذر بتفاقم الظاهرة وتحولها إلى نمط ممنهج إذا ما استمر التعتيم والصمت من قبل الجهات المعنية.