الأربعاء, 3 سبتمبر 2025 01:31 AM

عفرين: الفصائل تعيد تفعيل مكاتبها الاقتصادية مع اقتراب موسم الزيتون رغم قرارات الحل

عفرين: الفصائل تعيد تفعيل مكاتبها الاقتصادية مع اقتراب موسم الزيتون رغم قرارات الحل

سوار حمو – حلب

مع اقتراب موسم الزيتون في منطقة عفرين، عادت المكاتب الاقتصادية التابعة للفصائل المسلحة السابقة إلى النشاط، وذلك بعد أشهر قليلة من إعلان حلّها ودمجها في إطار ما سُمّي بـ"الجيش السوري الجديد". الإدارة المحلية برئاسة مسعود بطال كانت قد تعهّدت بإنهاء نفوذ الفصائل وإغلاق المقرات العسكرية والأمنية في القرى والبلدات كافة، إلا أن المشهد الميداني منذ أسبوعين يكشف عكس ذلك، حيث استأنفت المكاتب الاقتصادية نشاطها في معظم نواحي عفرين.

نشاط المكاتب: أتاوات ومصادرة أملاك

وفق شهادات الأهالي، لنورث برس، يتمحور نشاط هذه المكاتب حول فرض الأتاوات على موسم الزيتون والاستيلاء على أملاك المهجّرين والمغتربين، إلى جانب رفض الاعتراف بالوكالات القانونية والملكية الرسمية. ويشير الأهالي إلى أن اللافت في الأمر هو عودة قادة المكاتب الاقتصادية أنفسهم لممارسة أدوارهم السابقة، ما أثار موجة استياء ومخاوف واسعة.

وفي ناحية بلبل، برز اسم أبو يامن الفاعوري، نائب المسؤول الاقتصادي في فصيل السلطان مراد، الذي أجرى جولات ميدانية على القرى الخاضعة لسيطرة الفصيل مثل قورنه ودير صوان وميدانكي وقورت قلاق وسيمالكة. خلال لقاءاته مع المخاتير، شدد الفاعوري على منع العائدين بعد سقوط النظام من جني الزيتون أو التصرف بأراضيهم، وأعلن رفض جميع الوكالات القانونية والملكية الرسمية. كما طالب المخاتير بإعداد قوائم بأسماء العائدين، ووجّه تهديدات مبطنة لكل من يحاول خرق هذه التعليمات. شهادات من أهالي قرية دير صوان أكدت لنورث برس أن الفاعوري تحدث تارة باسم "الدولة السورية الجديدة"، وتارة أخرى ملوحًا بالعقوبات، مع الإشارة إلى أن اجتماعًا آخر سيعقد قبيل موسم القطاف.

الحمزات: "المسؤولون عن المحاصيل"

فصيل الحمزات أعاد بدوره تفعيل مكاتبه الاقتصادية في القرى الممتدة من بلبلة حتى عفرين مروراً بناحيتي راجو وجنديرس. المسؤول الميداني طارق الجوري أبلغ المخاتير أن فصيله أصبح جزءاً من وزارة الدفاع، وبالتالي فهو "الجهة المسؤولة عن المحاصيل". ووفق ما نُقل عن الأهالي، فقد أكد الجوري على استمرار فرض الضرائب السابقة على الزيتون، ورفض الاعتراف بالوكالات القانونية الجديدة، مشيراً إلى أن الفصيل سيقوم بنشر نقاط عسكرية لحراسة الموسم وضبطه وفق تعليماته.

ولم يقتصر الأمر على السلطان مراد والحمزات، إذ أعادت فصائل المعتصم بالله وفيلق المجد وأحرار الشرقية ومحمد الفاتح والمنتصر بالله نشاط مكاتبها الاقتصادية. ففي قرية صاريا التابعة لناحية المعبطلي، اجتمع أبو عبود، المسؤول الاقتصادي لفصيل المنتصر بالله، بالأهالي وطلب منهم تزويده بقوائم تفصيلية بأسماء العائدين وأصحاب الوكالات. وأكد خلال الاجتماع أن التعامل مع الأهالي سيبقى كما في السابق، مشدداً على أن العائدين الجدد ممنوعون من التصرف بالموسم، وأن التواصل سيتم عبر المختار حصرياً.

غموض يلف موقف العمشات

الوضع في بلدة الشيخ حديد ما زال ضبابيًا، خصوصًا بعد الاشتباكات الأخيرة بين الأمن العام وفصيل العمشات إثر رفض الأخير إخلاء مقراته العسكرية. وتشير مصادر محلية لنورث برس، إلى استمرار المخاوف من عودة الفصيل إلى فرض ضرائب واستيلاءات كما في السنوات السابقة، بينما لا تزال لجنة من الأمن العسكري تفاوض قيادات العمشات لحسم الموقف. وحاول عدد من وجهاء المنطقة نقل شكاواهم إلى إدارة عفرين. ومن بينهم أبو شيخو، أحد وجهاء ناحية راجو، الذي أوضح لنورث برس، أنهم اجتمعوا قبل أيام مع مسعود بطال وذكّروه بالوعود السابقة التي أطلقها هو والرئيس أحمد الشرع بشأن إنهاء نفوذ الفصائل. وأضاف أبو شيخو أن بطال ردّ مؤكداً أن "عصر الفصائل قد انتهى"، في حين أن الواقع الميداني يظهر عودة المكاتب الاقتصادية وتحكمها بموسم الزيتون. وزاد الأمر تعقيداً أن مسؤول الأمن العام في راجو، حين واجهه الأهالي بشكواهم ضد فصيل الحمزات، أجابهم بأن يتوجهوا مباشرة إلى الفصيل لمعالجة مشكلاتهم، في إشارة إلى غياب أي دور رقابي فعلي من جانب الأجهزة الرسمية.

بين وعود الإدارة المحلية باستقرار طال انتظاره وواقع ميداني يعكس استمرار نفوذ الفصائل، يبقى موسم الزيتون – المصدر الأساسي لاقتصاد عفرين – مهدداً بالابتزاز والقيود. ومع غياب آليات واضحة لفرض سلطة الإدارة الجديدة، يعيش الأهالي حالة قلق من تكرار معاناتهم مع كل موسم جديد.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: