الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 05:17 PM

عمال الرقة يصارعون قسوة الظروف: أجور زهيدة وحرارة لاهبة

عمال الرقة يصارعون قسوة الظروف: أجور زهيدة وحرارة لاهبة

زانا العلي – الرقة

في سوق الحديد شرقي الرقة، شمالي سوريا، يبدأ "عواد" يومه مع شروق الشمس، منهمكًا في تقويم أسياخ الحديد المستعملة حتى المساء، تحت لهيب الشمس الحارقة، ودون أي وقاية. يعيش العمال في الرقة ظروفًا معيشية قاسية، حيث يقضون ساعات طويلة في أعمال مرهقة دون توفير وسائل حماية أو راحة، في حين أن أجورهم بالكاد تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية، مما يزيد من معاناتهم اليومية.

يقول عواد العكلة (45 عامًا)، الذي يقضي يومه بين أكوام الحديد تحت حرارة الشمس الحارقة، إنه يعمل طوال اليوم مقابل 30 إلى 40 ألف ليرة سورية (حوالي 4 دولارات). ويضيف لنورث برس أن لديه سبعة أطفال، وأن الأجرة اليومية لا تكفي لتأمين قوت أسرته. ويشير إلى أن العمل يتوقف أحيانًا عندما لا يتوفر الحديد المستعمل، وبالتالي يبقى بلا مصدر دخل.

"تعب حيل.. تعب، الصبح ما أقدر أقوم، ضهري يوجعني وجع مو طبيعي"، بهذه الكلمات اختتم عواد حديثه بلهجته العامية.

عمل متقطع

بجوار أكوام الحديد وعلى أطراف الشارع الرئيسي في سوق الحديد غير المعبّد، يغرق المكان بالغبار المتطاير من مرور الشاحنات الثقيلة، وهناك يكابد بسام أحمد عناء تحميل الإسمنت إلى جانب الحديد المكدّس. ويقول أحمد لنورث برس إنه متزوج ولديه خمسة أولاد، ويعاني من صعوبة في تأمين احتياجات أسرته اليومية. فالأجر الذي يتقاضاه، والذي يصل إلى نحو 100 ألف ليرة يوميًا، لا يكفي لمواجهة غلاء المعيشة.

ويضيف أن العمل غير ثابت، إذ ينقطع أحيانًا ولا يتوفر بشكل دائم، ما يزيد من معاناته وأسرته، ويجعلهم في حالة قلق مستمرة بشأن توفير قوتهم اليومي. ويشير أحمد إلى أن طبيعة عمله شاقة، خصوصًا تحت حرارة الشمس، متمنيًا توفر فرص عمل أفضل أو تحسن الدخل في الأيام المقبلة.

أما عثمان الجاسم، فيعمل في تحميل وتنزيل الإسمنت منذ ساعات الصباح الباكر وحتى المغيب، في ظروف بالغة القسوة بسبب شدة الحرارة طوال النهار. ويقول إنه متزوج ولديه ثلاثة أطفال، ويعيش في منزل مستأجر، ما يزيد من أعبائه المعيشية، خاصة مع تدني الأجر اليومي الذي يتقاضاه.

ويوضح أن عمله غير ثابت، إذ ينقطع أحيانًا، فيما تتراوح أجرته اليومية بين 40 و100 ألف ليرة بحسب كمية العمل المتوفرة. ويشير عثمان إلى أنهم مجبرون على الاستمرار في العمل تحت الشمس الحارقة، رغم المشقة والتعب، لعدم وجود بدائل أو فرص أفضل.

الأولوية للعمال المسجلين

وقال محمد سينو الرئيس المشارك لاتحاد الكادحين في الرقة، إن عدد العمال المنظمين ضمن الاتحاد يبلغ 13,378 عاملاً. وأشار إلى توقيع عقد مع شركة تطوير المجتمع الزراعي لتوظيف العمال المسجلين لدى الاتحاد، مما يعزز فرص التشغيل والاستقرار المهني للمنتسبين.

وفيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية، أوضح سينو أن لدى الاتحاد صندوق تعاون عمالي يتطلب اشتراكًا شهريًا قدره 3,000 ليرة سورية، يغطي هذا الصندوق عمليات جراحية مثل عمليات القلب، الأورام السرطانية، وتركيب الأطراف الاصطناعية، بنسبة تتراوح بين 40% إلى 60% من التكاليف. كما يتم تقديم تعويضات في حالات الوفاة، فعلى سبيل المثال، عند وفاة العامل يُصرف مبلغ 1,500,000 ليرة سورية لعائلته.

وأشار سينو إلى أن الاتحاد يسعى دائمًا إلى التعاطف مع ظروف العمال، إلا أن المساعدة الفعلية تُقدَّم فقط للعمال المسجلين رسميًا ضمن الاتحاد. ويشجع على الانتساب، مشيراً إلى أن رسم الاشتراك الشهري هو 500 ليرة، أي ما يعادل 6,000 ليرة سورية سنويًا.

وفيما يخص الخدمات الصحية، ذكر سينو وجود صيدلية عمالية تابعة للاتحاد تقع في شارع 23 شباط، داخل مبنى نقابة الصيادلة، حيث تم عقد اتفاق يتيح خصمًا بنسبة 11% على الأدوية للعمال المنتسبين. كما يوجد مخبر تحليلي خلف مشفى الرسالة يقدّم خصمًا بنسبة 25%. بالإضافة إلى ذلك، يتعاون الاتحاد مع ثلاثة أطباء (اختصاصات: أطفال، نسائية، داخلية وجراحة عامة)، ويمنحون خصمًا قدره 10% من قيمة المعاينة.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: