الجمعة, 28 نوفمبر 2025 12:24 PM

غسان سلامة: حماية التراث اللبناني أولوية قصوى ومشاريع لدعم الصناعات الثقافية

غسان سلامة: حماية التراث اللبناني أولوية قصوى ومشاريع لدعم الصناعات الثقافية

في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان، يؤكد وزير الثقافة غسان سلامة على أن حماية الذاكرة وترميم الآثار وفتح آفاق جديدة للصناعات الثقافية هي من أهم الأولويات، باعتبارها محركاً للاقتصاد.

يواجه سلامة تحديات يومية، ويعمل على إطلاق مشاريع ترميم ورقمنة، ويسعى جاهداً لترسيخ دور الثقافة كقيمة وطنية لا يمكن الاستغناء عنها.

يقدم وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة رؤية واقعية وصريحة حول وضع وزارته في ظل الظروف الراهنة. ويصف الوضع بأنه صعب للغاية، وأن القدرة على العمل محدودة بالإمكانيات المتاحة والقوانين.

بدأ سلامة بإعادة تنظيم الهيكل الإداري الداخلي، من خلال تعيين لجنة وطنية جديدة لليونسكو وهيئة جديدة للمتاحف بعد سنوات من الفراغ. وستشمل هذه الخطوات جميع المؤسسات والمديريات والمصالح التابعة للوزارة، بهدف تثبيت الوضع القانوني للإدارة.

في مقابلة مع «الأخبار»، تحدث سلامة عن عمله في الوزارة، الذي يركز بشكل أساسي على حماية التراث من التعديات. وأشار إلى أنه يواجه يومياً ما يقرب من ثلاثة أو أربعة تعديات على المواقع الأثرية في مناطق مختلفة مثل جبيل وصور والأرز وطرابلس، مما يضطره إلى اللجوء إلى القضاء والاستعانة بالقوى الأمنية.

وأكد سلامة أن المواقع الأثرية في لبنان كثيرة جداً، وأن وظيفته كوزير للثقافة هي الدفاع عن هذه الذاكرة الوطنية وترميم ما يمكن ترميمه.

على الرغم من ضعف الإمكانات المالية، تسعى الوزارة من خلال الهبات الخارجية والتعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو إلى تنفيذ أكبر قدر ممكن من أعمال الترميم. وقد بدأت بالفعل ورش عمل متخصصة في ترميم الآثار والأبنية التراثية، مثل قصر الأونيسكو وقصر بيت الدين وقصر الأمير أمين، بالإضافة إلى إنجاز أعمال الترميم في قلعة طرابلس.

كما تعمل الوزارة على تسويق الإرث اللبناني من خلال إقامة معارض دائمة للمكتشفات الجديدة في الداخل والخارج. ويجري التحضير لمعرض ضخم بالتعاون مع متحف «اللوفر» حول الاكتشافات الجديدة في مدينة جبيل، وسيُفتتح في 15 آذار (مارس) المقبل.

يرى سلامة أن مهمته كوزير للثقافة هي الدفاع عن هذا الإرث وترميمه وتسويقه، وفقاً لإمكانيات الوزارة وبمساندة الهبات.

تعمل الوزارة على دعم الصناعات الثقافية من خلال ربط المنتج الثقافي أو الفرقة التي تحتاج إلى الدعم بالممول أو المتبرع، بالإضافة إلى تعزيز حضور الكتاب اللبناني في المعارض العربية.

يؤكد سلامة على أن الثقافة ليست ترفاً، بل هي ركيزة أساسية في مسار التعافي الاقتصادي. ويشير إلى أن الصناعات الثقافية اللبنانية كانت تشكل نحو ستة في المئة من الناتج القومي قبل الأزمة، ويعمل فيها ما يفوق مئة ألف شخص.

لذلك، يشدد على أهمية الاستثمار في هذا القطاع، الذي يمتلك أعلى إمكانات للنمو السريع ولا يحتاج إلى مواد أولية أو يسبب تلوثاً أو يتطلب استيراد خبرات.

يشير سلامة إلى أن التحدي الأكبر اليوم هو أن لبنان توقف عن تصدير منتجاته الثقافية وبدأ يصدّر مبدعيه أنفسهم. لذلك، يسعى إلى جذب استثمار خارجي يعيد قلب المعادلة.

ويؤكد على أن دور الدولة ليس تمويلياً بل تنظيمي وتسويقي، من خلال فتح أسواق جديدة وخلق فرص عمل جديدة وتشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الصناعات الثقافية.

لا يرى سلامة منافسة مع دول الخليج في إطار عودة بيروت كعاصمة للثقافة، ويرحب برؤية متاحف جديدة في دول الخليج والعالم.

ويعتبر أن العقبة الحقيقية ليست المنافسة، بل الأزمة المالية التي دفعت عدداً من المبدعين إلى الهجرة. ويسعى إلى وقف هذا النزيف المستمر للمواهب.

فيما يتعلق بهدم «مسرح بيروت»، يوضح سلامة أن المبنى وُضع على لائحة الجرد العام، لكنّ مالك العقار تقدّم بطعن، وصدر قرار ثانٍ مبرم عن مجلس شورى الدولة لمصلحة المالك.

وفي مقابل ذلك، هناك مسعى جدي لترميم «التياترو الكبير» وسط بيروت، وتدرس إمكانية أن تشتري بلدية بيروت المبنى من شركة «سوليدير» مقابل جزء من أسهمها، ثم تضعه في تصرّف وزارة الثقافة لإطلاق حملة عالمية لتمويل إعادة تأهيله.

تستعد الوزارة لعرض مكتشفات أثرية جديدة من جبيل في متحف «اللوفر»، وتعمل على تبني فكرة إنشاء dépôt visitable، أي مساحة لحفظ القطع الأثرية تكون في الوقت نفسه قابلة للزيارة.

أما فيما يتعلق بالمكتبة الوطنية، فيشير سلامة إلى أن عدد زوارها يزداد يومياً، وقد قرر تحويلها إلى مركز ثقافي نابض. والعمل الأهم الجاري اليوم هو مشروع الرقمنة، الذي يهدف إلى رقمنة محتويات المكتبة الوطنية.

وفي إطار تكريم الفنان زياد الرحباني، تعمل الوزارة على جمع أرشيفه وتشييد تمثال له في حديقة المكتبة الوطنية.

كما تولي الوزارة اهتماماً كبيراً بالسيدة فيروز، وتعمل على صيغة تضمن احترام رغبتها فيما يتعلق بتحويل مكان ترعرعها في منطقة زقاق البلاط إلى متحف.

مشاركة المقال: