الإثنين, 8 ديسمبر 2025 08:20 PM

فرنسا تتهم عنصراً سابقاً في مخابرات الأسد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

فرنسا تتهم عنصراً سابقاً في مخابرات الأسد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

وجهت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب اتهامات خطيرة إلى سوري يشتبه في انتمائه لجهاز المخابرات التابع للنظام السوري السابق، وتحديداً بتهمة "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".

وبحسب وكالة "فرانس برس"، فإن المشتبه به يدعى "مالك ن"، وهو من مواليد محافظة حمص عام 1991 ويقيم حالياً في فرنسا. وقد تم توجيه تهمتي "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية" إليه من قبل قاضي التحقيق بناءً على طلب النيابة العامة الوطنية المختصة بالجرائم ضد الإنسانية، وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي.

تعود القضية إلى تشرين الأول 2020، عندما تلقى المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية إشعاراً أدى إلى فتح النيابة تحقيقاً أولياً في جرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في سوريا بين عامي 2010 و2013.

وأوضح بيان صادر عن النيابة أن التحقيق يستهدف الأفعال التي يُحتمل أن يكون "مالك.ن" قد ارتكبها بصفته عضواً مفترضاً سابقاً في "الفرع 285 التابع للمخابرات وأمن الدولة بدمشق" في عهد النظام السابق. وتجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة تدرج "الفرع 285" ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لجهاز مخابرات النظام التي شهدت أعلى عدد من وفيات المعتقلين منذ عام 2011.

كما ذكرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا والتابعة لمجلس حقوق الإنسان الأممي أن "مئات السجناء احتجزوا في قبو الفرع 285 في ظروف غير إنسانية، محرومين من النظافة والرعاية الطبية". وكان مدير الفرع قد أُدرج على لائحة عقوبات الاتحاد الأوروبي منذ تموز 2012، وفقاً للنيابة العامة الفرنسية.

وأشارت النيابة العامة إلى أن العديد من التقارير الأخرى "أفادت بوقوع حالات اغتصاب واعتداء جنسي على المعتقلين أثناء الاستجواب في الفرع 285″، معربة عن ترحيبها بـ"جودة وسلاسة" التعاون القضائي الدولي في هذه القضية، ولا سيما مع ألمانيا والسويد وبلجيكا والنرويج وهولندا.

من جهة أخرى، وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تعرض المعتقلين في فرع "285" لعمليات تعذيب منهجية "بأساليب متعددة" منذ تموز 2012، تشمل الضرب، والضرب بأدوات، والصعق الكهربائي، وبساط الريح، ووضعية الإجهاد (الوقوف لفترات طويلة)، والاعتداء الجنسي (التعرية لفترات طويلة).

3 مذكرات اعتقال ضد الأسد

في 23 تشرين الأول الماضي، أصدرت فرنسا مذكرة توقيف جديدة بحق رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، ليصبح بحقه ثلاث مذكرات قضائية دولية. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر قضائي أن قضاة التحقيق الباريسيين وقّعوا مذكرة التوقيف، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، في 29 تموز الماضي.

وجاءت هذه المذكرة بعد أيام قليلة من إلغاء مذكرة توقيف كانت قد صدرت في تشرين الثاني 2023، حين كان الأسد في منصبه، بسبب حصانة رئيس الدولة في أثناء ممارسته لمهامه.

كيف صدرت مذكرة الاعتقال بحق الأسد

في آذار 2021، تقدم ناجون ومنظمات غير حكومية بشكوى جنائية في فرنسا تدعو السلطات إلى التحقيق في هجمات غاز السارين التي استهدفت عدرا ودوما والغوطة في سوريا في 2013، باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وبعد تقديم الشكوى وانضمام أطراف مدنية، تم فتح تحقيق رسمي في نيسان 2021 تبعه تعيين قاضيين للتحقيق.

جمعت منظمات حقوقية ومدنية سورية عشرات الشهادات من ضحايا وذويهم، وشهود على الهجمات، إلى جانب شهادات خبراء، ومئات الأدلة الوثائقية. واستنادًا إلى حجم وتفاصيل الأدلة، قرّر قضاة التحقيق أن هناك أدلة جدية، أو مؤيدة، ترجّح أن الأشخاص التالية أسماؤهم قد شاركوا في التخطيط للهجمات بالأسلحة الكيميائية وفي تنفيذها، ويتحملون المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم: بشار الأسد، ماهر الأسد، العميد غسان عباس، اللواء بسام الحسن.

لذلك قرر قضاة التحقيق أن الرد المناسب لشكوى الضحايا والأدلة المقدمة هو إصدار مذكرات توقيف دولية بحق الأفراد الذين تم تحديد هويتهم بتهم التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

” في النظام القضائي الفرنسي، تعني مذكرة التوقيف أمرًا قضائيًا موجهًا قوات إنفاذ القانون بالبحث والعثور عن الشخص المذكور وجلبه للمثول أمام قاضي التحقيق. وقد نشرت مذكرات التوقيف هذه على المستويين الأوروبي والدولي عبر الـ إنتربول والـ يوروبول” المركز السوري للإعلام وحرية التعبير

وبعد صدور مذكرات التوقيف في باريس، في 23 كانون الأول 2023، قدم مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب (PNAT) طعنًا، وأحال القضية إلى غرفة التحقيق في محكمة استئناف باريس، مطالبًا بإلغاء مذكرة التوقيف الصادرة بحق بشار الأسد.

مذكرتا اعتقال إضافيتان

هناك مذكرتان إضافيتان صدرتا أيضًا بحق الأسد، الأولى في 20 كانون الثاني 2025، بتهمة التواطؤ في جرائم حرب، تتعلق بقصف منطقة سكنية في درعا (جنوب غربي سوريا) عام 2017. والثانية صدرت في 19 آب من 2025، بتهمة التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتتعلق بقصف مركز إعلامي في مدينة حمص عام 2012، أدى إلى مقتل الصحفية الأمريكية ماري كولفن العاملة في "صنداي تايمز"، والمصور الفرنسي ريمي أوشليك. كما أُصيب في الهجوم الصحفية الفرنسية إديث بوفبيه، والمصور البريطاني بول كونروي، والمترجم السوري وائل العمر. وفي هذه القضية، أصدر قضاة التحقيق أيضًا مذكرات توقيف بحق ستة من كبار الضباط السابقين، من بينهم ماهر الأسد وعلي مملوك، الذي كان حينها مديرًا لإدارة المخابرات العامة السورية.

مشاركة المقال: