الثلاثاء, 26 أغسطس 2025 07:23 PM

مأساة عائلة الوعر في حمص: محمود وعلي ضحايا القنص والاتهام بالإرهاب

مأساة عائلة الوعر في حمص: محمود وعلي ضحايا القنص والاتهام بالإرهاب

في أحد أيام شهر نيسان/أبريل من عام 2012، خرج الشابان محمود حسين الوعر وعلي الوعر من منزلهما في مدينة حمص قاصدين عملهما، لكنهما لم يعودا. بعد ثلاثة أيام من البحث المضني، عُثر على جثتيهما بجانب سوق الهال، وقد فارقا الحياة نتيجة القنص.

هكذا بدأت فصول مأساة عائلة "الوعر" التي لم تنتهِ فصولها بعد. كانت العائلة مثالاً للبساطة، تعتمد في رزقها على العمل اليدوي الحر، وتتقاسم لقمة العيش والابتسامة في منزل واحد، في جو عائلي دافئ يذكر بحياة السوريين قبل أن تقتلها رصاصات الغدر.

لم يكتفِ القناص بقتل الشابين، بل تبع ذلك سلسلة من الإهانات والتنكيل حتى بعد وفاتهما. فعندما حاولت العائلة استلام جثماني الشهيدين، تم احتجازهم على حاجز عسكري بتهمة أن "الشهيدين مطلوبان"، ليتم إعادتهما إلى المشفى العسكري في حمص. أربعة أيام أخرى من الانتظار المرهق، قبل أن يُسمح لهم بدفنهما.

يروي الأخ أن الضابط في المشفى العسكري قد صرخ في وجه والده عندما حاول جمع جثتي ابنيه الممددتين بعيداً عن بعضهما قائلاً: "اتركهم، إنهم إرهابيون". ومما زاد الجرح عمقاً، أن دفنهما لم يكن ممكناً في المقبرة العامة بسبب الازدحام والخوف من القصف، فدفنت العائلة أبناءها في حديقة مجاورة لمسجد السلام، دون وداع أو نظرة أخيرة، ولم يتبقَ سوى رائحة الموت.

بعد أيام قليلة، بدأ الأب يستيقظ ليلاً وهو ينادي محمود وعلي. وفي أحد الصباحات، صرخ قائلاً: "لا أرى شيئاً"، فقد فقد بصره نتيجة للقهر، وأصبح شيخاً ملازماً لغرفته. أما الأم، فقد اعتادت كل صباح أن تدخل غرفة علي وتدعوه إلى العمل كما لو أنه ما زال حياً، حتى أصيبت بجلطة بعد سنوات طويلة من الحزن.

المنزل الذي كان رمزاً للفرح، خيّم عليه الحزن. تفرقت العائلة، واختفت الضحكات. هذه ليست مجرد قصة مأساوية لعائلة، بل هي شهادة قوية على قهر الرجال.

مشاركة المقال: