الإثنين, 20 أكتوبر 2025 02:16 AM

مبادرة عون لإحياء مفاوضات الناقورة: هل تتدخل واشنطن لإنقاذ الاتفاق؟

مبادرة عون لإحياء مفاوضات الناقورة: هل تتدخل واشنطن لإنقاذ الاتفاق؟

تتصدر المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، بدعوته إسرائيل لمفاوضات غير مباشرة، المشهد السياسي في لبنان، وتحظى بتأييد واسع، يتصدره رئيسا الحكومة نواف سلام، والمجلس النيابي نبيه بري، الذي كان له دور أساسي في التوصل مع الوسيطين الأميركيين: آموس هوكستين، إلى إطار الاتفاق الذي مهّد الطريق أمام التوافق على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، والموفد الرئاسي توم براك، إلى الاتفاق على وقف الأعمال العدائية. وفي الحالتين بتفويض، من حليفه «حزب الله».

ويرى مؤيدو المبادرة الرئاسية أنها تأتي في سياق محاولة إخراج المفاوضات غير المباشرة، التي تستضيفها قيادة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة (يونيفيل) في مقر قيادتها بالناقورة بجنوب لبنان، من حالة الجمود التي تعيق التوصل إلى تفاهم لتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا، والتزم به لبنان منذ إعلانه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في حين امتنعت إسرائيل عن تطبيقه، وهو ما يعول عليه الرئيس سلام.

وفي هذا الإطار، يؤكد سلام لـ«الشرق الأوسط»، أن هدف عون من إطلاق مبادرته التفاوضية غير المباشرة مع إسرائيل، هو حثّ الولايات المتحدة على التدخل لإنقاذ المفاوضات غير المباشرة، المتعثرة بسبب رفض إسرائيل الالتزام بوقف الأعمال العدائية المنصوص عليه في الاتفاق. ويشير إلى أن المفاوضات غير المباشرة، التي تجري في الناقورة برعاية هيئة الرقابة الدولية، برئاسة الجنرال الأميركي مايكل ليني، «وصلت إلى طريق مسدود نتيجة إصرار إسرائيل على خرق وقف النار، وتماديها في اعتداءاتها، بخلاف التزام لبنان بتطبيقه بحرفيته».

ويراهن سلام على استجابة الإدارة الأميركية لمبادرة عون «لفتح ثغرة يمكن البناء عليها لتطبيق القرار الدولي 1701، بوصفه أساساً لتثبيت اتفاقية الهدنة المعقودة بين لبنان وإسرائيل عام 1949، بما في ذلك الالتزام بترسيم الحدود الدولية بين البلدين».

من جهته، يرى مصدر وزاري بارز في المبادرة التفاوضية التي أطلقها عون، أنها «اختيار للتوقيت المناسب، لتأكيد الشراكة اللبنانية في التسويات التي تُرسم للمنطقة، انطلاقاً من الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في غزة، بالتزامن مع الوضع المشتعل في جنوب لبنان، ومنه إلى مناطق أخرى، كأولوية على جدول أعمال المجتمع الدولي».

ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن لجوء إسرائيل، في اليومين الأخيرين، «إلى توسيع اعتداءاتها، يشير إلى إصرارها على تمرير رسالة مزدوجة للبنان؛ الأولى تكمن في منع إعادة إعمار البلدات المدمرة، باستهدافها للآليات والمعدات والمواد الأولية التي تستخدم لإعمارها».

أما الرسالة الثانية فتدلّ على إصرار إسرائيل «على إعلام لبنان بالنار هذه المرة، بأن انتهاء الحرب في غزة لن ينسحب على جنوب لبنان، وأنه لا وقف للحرب ما لم يوافق على بدء مفاوضات مباشرة تؤدي لاتفاق على ترتيبات أمنية، يراد منها تحويل حافته الحدودية إلى منطقة منزوعة السلاح».

ويلفت إلى أن الرئيس عون «توخى من مبادرته إعادة تحريك المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها هيئة الرقابة الدولية، التي تحولت إلى عدّاد للخروق والاعتداءات الإسرائيلية، رغم أن من يتولى رئاستها هو جنرال أميركي يحمل ثاني أعلى رتبة عسكرية بعد قائد المنطقة الوسطى للجيوش الأميركية، الذي أشاد بما حققه الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، بخلاف ما تدّعيه إسرائيل».

ويؤكد المصدر الوزاري نفسه أن طرح عون المفاوضات غير المباشرة على طاولة النقاش، أسوة بتلك التي أدت إلى ترسيم الحدود البحرية بين البلدين برعاية أميركية، ينطلق من أن مفاوضات الناقورة لم تحقق أي تقدم، وما زالت تراوح مكانها.

ويضيف أن المبادرة التفاوضية لعون «لن تؤدي إلى انقسام بين اللبنانيين، وتأتي بعد أن أوصدت إسرائيل الباب أمام التوصل إلى اتفاق حول الورقة الأميركية التي أعدها براك ووافق عليها لبنان، وقوبلت بمعارضة إسرائيلية».

ويقول إن نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، هي التي شجعت إسرائيل على رفضها، بالإصرار على ضرورة دخول لبنان في مفاوضات مباشرة، وسرعان ما أيدها برّاك، ولاحقاً عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام، وهذا ما يرفضه لبنان».

ويلفت إلى أن بري هو من تولى التفاوض مع برّاك بالإنابة عن نفسه وحليفه «حزب الله». ويقول إن الأخير «لا يزال على تفويضه له، ولا يعترض على المفاوضات غير المباشرة، شرط التزام إسرائيل بوقف الأعمال العدائية، وهذه هي حال عون وسلام».

ويشير المصدر إلى أن هذه المفاوضات كانت انطلقت من الناقورة برعاية أميركية، لكن المشكلة تبقى في عدم إيفاء واشنطن بتعهدها إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق، الذي أيدته فور إعلانه، لكنها عادت وانقلبت عليه.

ويرى أن «عون أراد من خلال الصيغة التي طرحها للمفاوضات، مع مضي لبنان بتطبيق قرار حصرية السلاح بيد الدولة ضمن الخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتحظى بتأييد لبناني ودولي واسع، وبقرار لا يخضع للتأويل ولا عودة عنه، التذكير بضرورة إبقاء الاهتمام بلبنان في سلّم أولويات المجتمع الدولي، لقطع الطريق على من يحاول ابتزازه بالضغط عليه للتسليم بأن لا حل إلا بدخوله في مفاوضات مباشرة بشروط إسرائيلية».

ويؤكد المصدر نفسه أن «لا خلاف على تجديد دعوة عون لهذه المفاوضات، ولا خيار أمام (حزب الله) سوى التموضع، كما هي الحال الآن، تحت السقف السياسي لبري المؤيد للمبادرة الرئاسية». ويشير إلى أن برّي «كان أول من اعتمد الصيغة التي يطرحها عون، من خلال رعايته مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، والاتفاق الذي توصل إليه مع براك».

ويبقى السؤال: أين تقف واشنطن من مبادرة عون التي تحظى بتأييد «الترويكا» الرئاسية التي تقرأ في كتاب واحد عنوانه إعادة تفعيل المفاوضات غير المباشرة؟ وهل يتوقف الجواب الأميركي، على ما سيحمله في جعبته سفير واشنطن الجديد، اللبناني الأصل، ميشال عيسى، الذي يُنتظر وصوله قبل حلول الشهر المقبل، للتأكد من صحة ما يتردد في بيروت، من أن الإدارة الأميركية «أبلغت لبنان رسالة إسرائيلية قاطعة، تصرّ فيها على التفاوض المباشر»، ما يضع محادثات الناقورة على لائحة الانتظار؟

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الشرق الأوسط

مشاركة المقال: