تنطلق بعد غد الأربعاء في مدينة كوبلنتس الألمانية، محاكمة أربعة مواطنين سوريين، يواجهون اتهامات بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب" خلال فترة الاحتجاجات التي شهدها حي اليرموك في دمشق بين عامي 2012 و 2014. وتأتي هذه المحاكمة في سياق الجهود الدولية الرامية إلى محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي وقعت خلال الحرب السورية، وتعد الثانية من نوعها في ألمانيا خلال أسابيع، بعد أن أصدرت محكمة ميونخ الأسبوع الماضي حكماً بإدانة ثلاثة سوريين آخرين في قضايا مماثلة.
المتهمون والاتهامات الموجهة إليهم
أوضح المحامي والناشط الحقوقي السوري، أنور البني، أن المتهمين الأربعة هم: جهاد أ.، ومحمود أ.، ومظهر ج.، وسمير س. وأضاف أن الاتهامات الموجهة إليهم تشمل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية من خلال القتل والشروع في القتل والتعذيب، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية تتضمن الحرمان من الحرية. يواجه محمود أ. ومزهر ج. اتهامات بالتورط في حالات حرمان من الحرية أدت إلى الوفاة، كما يواجه محمود أ. اتهاماً بارتكاب جرائم حرب باستخدام "أساليب الحرب المحظورة"، وتحديداً فرض "حصار" ساهم في تجويع المدنيين.
وتشير حيثيات الاتهام إلى تورط المتهمين في قمع المظاهرات السلمية التي جرت في 13 يوليو 2012، حيث شاركوا جميعاً في قمع مظاهرة سلمية في حي اليرموك، وأطلقوا النار على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 6 أشخاص وإصابة آخرين بجروح خطيرة. وفي أغسطس من العام نفسه، أطلق جهاد أ. النار مرة أخرى على مدنيين خلال مظاهرة أخرى، مما أدى إلى إصابة شخصين على الأقل. وخلال الفترة الممتدة بين منتصف عام 2012 وعام 2014، اعتدى المتهمون جسدياً وبشكل متكرر على مدنيين على حواجز تفتيش أقامتها ميليشيات موالية للنظام آنذاك، حيث كان الضحايا يتعرضون للضرب بالقبضات ومساند البنادق في منطقة الرأس، والركل بالأقدام.
كما قام المتهمون الأربعة باعتقال مدنيين وتسليمهم إلى جهاز المخابرات السورية، حيث تعرض العديد منهم للتعذيب، وتوفي بعض المعتقلين على يدي محمود أ. ومزهر ج. بسبب التعذيب أو ظروف الاحتجاز اللاإنسانية. وفي مناسبتين، هاجم محمود أ. مدنيين أثناء توزيع المساعدات، في محاولة لمنع توزيع الطعام والمساهمة في تجويع السكان، وهو ما يعتبر قانوناً جريمة حرب.
يذكر أنه تم القبض على المتهمين الأربعة في 3 يوليو 2024، ولا يزالون قيد الاحتجاز منذ ذلك الحين، على أن تبدأ محاكمتهم رسمياً يوم الأربعاء المقبل. وكانت المحكمة العليا الإقليمية في ميونخ قد أدانت الأسبوع الماضي ثلاثة سوريين بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب والانتماء إلى تنظيم إرهابي، خلال مشاركتهم في القتال ضد نظام الأسد، حيث صدرت أحكام بالسجن تراوحت بين أربع سنوات ونصف وتسع سنوات وعشرة أشهر، بعد محاكمة استمرت 86 يوماً.