الإثنين, 24 نوفمبر 2025 08:55 AM

محمد أزرق الحلبي: حارس النسيج اليدوي يصارع للبقاء في حلب

محمد أزرق الحلبي: حارس النسيج اليدوي يصارع للبقاء في حلب

في مدينة حلب شمالي سوريا، يواصل المواطن محمد أزرق، الذي يُعدّ من بين آخر الحرفيين المهرة في النسيج اليدوي، جهوده الدؤوبة للحفاظ على هذه الحرفة العريقة التي تواجه خطر الاندثار. فبعد أن كانت أصوات الأنوال تملأ البيوت والأسواق في حلب قبل الحرب، باتت اليوم ذكرى يسعى أزرق لإحيائها.

يبلغ أزرق من العمر 80 عامًا، وقد تعلّم أصول المهنة من والده عندما كان في العاشرة من عمره. وعلى الرغم من تقلّص سوق النسيج اليدوي وتراجع عدد العاملين فيه بشكل ملحوظ، إلا أنه ظلّ وفيًا لهذه الحرفة. وفي حديثه لوكالة الأناضول، قال أزرق: "العمل على النول صعب، فالعين والأذن والقدم واليد تعمل كلها معا".

إلا أن صعوبة هذه الحرفة لم تثنِ أزرق عن الاستمرار فيها، فهو يرى أن "هذه المهنة تعني بالنسبة لي الحياة، تذكرني بكل عمري منذ طفولتي، أشعر بالسعادة عندما أرى الناس يستخدمون ما أنسجه". ويضيف: "القماش اليدوي يحمل روحا، أما ما تنتجه الآلات الكهربائية فلا روح له".

تجدر الإشارة إلى أن هذه الحرفة كانت تُمارس عبر أكثر من 150 ألف نول داخل حلب قبل الحرب، ولكنها تراجعت بشكل كبير حتى بات أزرق يعتقد أنه لم يبقَ سوى "معلم واحد أو اثنان" يعملان بها في المدينة.

ويجمع النول التقليدي عدة حرف في آنٍ واحد، بدءًا من الحدادة والنجارة وصولًا إلى الصباغة وصناعة الفتائل. وينتج أزرق أنواعًا مختلفة من الأقمشة التقليدية، بما في ذلك الحرير المحلي والصوف والشال الساتان وأحزمة الصوف. ويقوم بتصدير جزء من إنتاجه إلى أسواق خارجية تشمل الأردن وفلسطين والهند وباكستان ومصر.

وعلى الرغم من تمسكه الشديد بالمهنة، يعترف أزرق بأنه لم ينقلها إلى أبنائه السبعة، معتبرًا أنها باتت شاقة ولا تناسب الأجيال الجديدة. ويقول: "كما انقرضت مهنة صانعي الطرابيش، هذه الحرفة أيضًا تقترب من نهايتها".

ومع ذلك، يواصل الحرفي الحلبي العمل على نوله القديم بإصرار، مؤمنًا بأن الحفاظ على ما تبقى من النسيج اليدوي هو واجب تجاه مهنة ورثها عن آبائه، ويصفها بأنها "أمانة تحمل روحا وذاكرة مدينة كاملة".

وخلال الحرب التي استمرت نحو 13 عامًا في البلاد وانتهت بالإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر 2024، تعرض جزء كبير من أسواق حلب القديمة لدمار كبير، ما ألحق الضرر بكثير من الصناعات والحرف التقليدية.

الأناضول

مشاركة المقال: