الخميس, 16 أكتوبر 2025 09:07 PM

محمد سعيد يونس: قصة بطولة من جبلة تخلد ذكرى معركة القلع في الجولان

محمد سعيد يونس: قصة بطولة من جبلة تخلد ذكرى معركة القلع في الجولان

من ذاكرة الأدهمية ومدينة جبلة، تنطلق حكاية البطل الرائد محمد سعيد يونس، قائد معركة القلع في الجولان عام 1967، الذي سطر اسمه بأحرف من نور في سجل البطولة العربية.

صرح العلم والبطولة في جبلة

تُعدّ ثانوية جبلة (مدرسة الشهيد محمد سعيد يونس حاليًا) من أهم المؤسسات التعليمية في الساحل السوري، فهي أول ثانوية في المدينة، ومنها تخرج أجيال من الطلاب والمبدعين والقادة. هذا الصرح التنويري، الذي بُني على طراز معماري مهيب، يحتل موقعًا استراتيجيًا في قلب المدينة التاريخية. وقد حظيت المدرسة بتسميتها باسم الشهيد محمد سعيد يونس، تخليدًا لتاريخه الوطني وتضحيته من أجل الوطن.

ميلاد بطل من الأدهمية

وُلد محمد سعيد يونس في حيّ الدريبة بمدينة جبلة الأدهمية، الحيّ الذي أنجب قادة وعلماء وأبطالًا، مثل الشيخ الشهيد عز الدين القسّام. تربّى في بيئة مشبعة بالقيم الدينية والوطنية، ونشأ على حب الوطن والإقدام ونصرة المظلوم، ليصبح ضابطًا في الجيش العربي السوري وقائدًا ميدانيًا يحظى بتقدير رؤسائه واحترام جنوده.

معركة القلع: أسطورة الصمود

في حرب حزيران عام 1967، كان الرائد محمد سعيد يونس قائدًا لموقع القلع في الجولان، وهو موقع دفاعي مهم في الجبهة الشمالية. هاجم العدو الإسرائيلي الموقع بعد قصف جوي مكثف، مدعومًا بلواءين مدرعين ولواء مشاة من قوات النخبة، بهدف اختراق الدفاعات السورية واحتلال القنيطرة. لكن البطل محمد سعيد يونس تصدى لهذا الهجوم ببسالة، وأدار معركة بطولية أوقف خلالها تقدم العدو يومًا كاملًا، وكبّده خسائر فادحة تجاوزت أربعين دبابة وآلية. قاتل بشراسة حتى استشهد في ميدان الشرف مع رفاقه، بعد أن سطروا صفحة مجيدة في تاريخ العسكرية السورية. وقد اعترف قادة العدو ببسالته، كما ورد في كتاب الصحفي الإسرائيلي “حرب الأيام الستة” أن ضابطًا سوريًا وجنوده قاتلوا 18 ساعة متواصلة في موقع القلع، وأوقفوا تقدم اللواء الإسرائيلي رغم القصف الجوي العنيف. كان هذا الضابط هو الرائد محمد سعيد يونس.

اعتراف وتكريم

نال البطل الشهيد تقدير القيادة السورية، وأشاد الرئيس الراحل نور الدين الأتاسي ببطولاته. كما خُلّد اسمه في المتحف الحربي بدمشق، حيث يتصدر تمثاله القاعة الرئيسية، وأُطلق اسمه على أكبر وأقدم مدارس جبلة وعلى أحد شوارعها الرئيسية.

رمز لا يُمحى

لم يكن الشهيد محمد سعيد يونس مجرد قائد عسكري، بل كان رمزًا للوطنية السورية ومثالًا للإخلاص والتضحية. وأي محاولة لتغيير اسم المدرسة التي تحمل اسمه تُعدّ مساسًا بذاكرة المدينة ووجدانها، وتنكّرًا لتاريخ يجب أن يبقى منارة للأجيال القادمة. الحفاظ على اسم الشهيد محمد سعيد يونس هو حفاظ على جزء من هوية جبلة وتاريخها الوطني، فالأمم التي تمحو أسماء أبطالها، تمحو صفحات من كرامتها.

ناصر الحموي - زمان الوصل

مشاركة المقال: