الجمعة, 21 نوفمبر 2025 11:55 PM

مدونة السلوك: تحول سياسي نحو تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن في سوريا

مدونة السلوك: تحول سياسي نحو تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن في سوريا

يمثل إصدار وزارة الداخلية لمدونة السلوك الجديدة، بموجب المرسوم التشريعي رقم (185) لعام 2025، منعطفاً سياسياً هاماً يتجاوز مجرد التنظيم الإداري. إنه بمثابة إعلان عن رغبة رسمية في إعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن، وإصلاح صورة المؤسسة الأمنية وفقاً لمعايير أكثر انفتاحاً وتوازناً.

عندما تضع وزارة سيادية مثل الداخلية وثيقة تحدد القيم والمعايير الأخلاقية والمهنية الملزمة لجميع العاملين، فإنها بذلك تعيد تعريف دور جهاز الأمن كمؤسسة خاضعة للقانون، وليست فوقه. هذا يضع الأساس لمرحلة سياسية جديدة تجسد روح الدولة الحديثة.

يتضح البعد السياسي في إعادة ترسيخ الشرعية من خلال تأكيد التزام الوزارة بالقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. يأتي هذا في وقت يتزايد فيه الطلب الشعبي والدولي على الشفافية وضبط الأداء الأمني. تبعث المدونة برسالة واضحة مفادها أن الدولة تتجه نحو إعادة هيكلة مؤسساتها وفقاً للمعايير العالمية، مما يعزز صورتها على الصعيدين الداخلي والخارجي.

تحمل النصوص المتعلقة بضبط استخدام القوة ومنع التعذيب والإساءة دلالة سياسية قوية، مؤكدة أن المؤسسة الأمنية أصبحت جزءاً من عملية إصلاح أوسع، وليست أداة منفصلة عن المساءلة القانونية. يتماشى هذا التحول مع التوجه الوطني نحو تعزيز سيادة القانون وحماية العمل الأمني من التجاوزات التي كانت تستغل سياسياً ضد الدولة.

إن التركيز على الإبلاغ عن الفساد والتجاوزات داخل الأجهزة الأمنية يعكس اتجاهاً رسمياً لمكافحة الفساد من الداخل، مما يحول رجل الأمن من مجرد منفذ للأوامر إلى شريك في حماية نزاهة مؤسسته.

يرى مراقبون أن مدونة السلوك تمثل خطوة سياسية جوهرية تهدف إلى إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أساس الثقة والاحترام المتبادل، وتمهيد الطريق لنموذج أمني أكثر شفافية ومهنية. يبقى التحدي الحقيقي في التطبيق العملي، الذي سيحدد مدى التحول السياسي الذي يمكن أن تحدثه هذه المدونة في المشهد السوري. الوطن

مشاركة المقال: