أصدر الرئيس السوري “أحمد الشرع” المرسوم رقم 143 أمس، الذي يصدق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري. ومع ذلك، أثارت عدة نقاط في النظام الجديد انتقادات وعلامات استفهام بسبب عدم وضوح المعايير.
سناك سوري _ دمشق
تنص المادة 6 على أن تتولى اللجنة العليا الإشراف الكامل على الانتخابات وعلى جميع اللجان، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حريتها وسلامتها ونزاهتها. كما تمارس اللجنة مهامها باستقلالية وحيادية وشفافية، ويحظر على أي شخص التدخل في شؤونها. ومع ذلك، لا يتضمن المرسوم أي نص واضح يشرح آليات الرقابة على العملية الانتخابية، سواء من قبل السلطة القضائية أو منظمات المجتمع المدني أو وسائل الإعلام. وعلى الرغم من وجود مادة لتشكيل لجنة قانونية، إلا أن مهامها تقتصر على تقديم المشورة وصياغة مشاريع اللوائح المتعلقة بالانتخابات. بينما تتولى لجان الطعون، المكونة من قضاة يندبهم وزير العدل، النظر في الطعون المقدمة على أعضاء اللجان الفرعية والقوائم النهائية لأعضاء الهيئة الناخبة ونتائج العملية الانتخابية في الدائرة التابعة لها.
توزيع أعضاء المجلس
حدد المرسوم العدد الكلي لأعضاء مجلس الشعب بـ 210 أعضاء، ينتخب منهم الثلثان، أي ما مجموعه 140 عضواً. وتتوزع المقاعد على المحافظات بحسب التوزيع السكاني فيها، وتشكل الدوائر الانتخابية على مستوى المناطق الإدارية، بحيث تتألف الدائرة من منطقة أو أكثر. ويكون توزيع ثلثي المقاعد على مستوى الدوائر الانتخابية وفق التقسيمات الإدارية والتمثيل السكاني بحسب قرار وزارة الإدارة المحلية رقم 1378 لعام 2011.
لكن المرسوم لا يحدد بوضوح عدد الأعضاء لكل محافظة، علماً أن المرسوم السابق الصادر في حزيران الماضي، حدد حصة كل محافظة من الأعضاء الذين سيتم انتخابهم بشكل واضح.
اللجان الفرعية وشروط الترشح
تتشكل لكل دائرة انتخابية هيئتها الناخبة، وينحصر الحق في الترشح لعضوية مجلس الشعب في أعضاء الهيئة الناخبة. وتتولى اللجنة الفرعية التواصل مع المجتمعات المحلية لضمان أوسع مشاركة في اختيار أعضاء “الهيئة الناخبة”، وتقترح بعد ذلك القائمة المبدئية لأعضاء الهيئة الناخبة إلى اللجنة العليا.
أما عن شروط عضوية الهيئة الناخبة التي ينحصر الترشح في أعضائها، فينص المرسوم على أن يكون المرشح سوري الجنسية قبل 1 أيار 2011، وأن يكون قيده في السجل المدني ضمن دائرته الانتخابية، وأن يكون مقيماً فيها لمدة 5 سنوات متتالية قبل 2011، وأن يكون متمتعاً بالأهلية القانونية وأتم الـ 25 عاماً بتاريخ صدور المرسوم، وأن يتمتع بحسن السيرة والسلوك.
ويشترط في المرشح ألا يكون محكوماً بجناية أو جرم مخل بالشرف باستثناء القضايا ذات الطابع السياسي والأمني، وألا يكون قد ترشح للانتخابات الرئاسية بعد 2011 ولم يسبق له أن كان مرشحاً أو عضواً في مجلس الشعب بعد 2011 إلا إذا أثبت انشقاقه. كما يشترط في المرشح ألا يكون داعماً للنظام البائد أو التنظيمات الإرهابية وألا يكون من دعاة الانفصال والتقسيم والاستقواء بالخارج، وهو الشرط الذي أثار عدة أسئلة نظراً لغياب تعريف واضح يحدد “التنظيمات الإرهابية” من وجهة نظر السلطة السورية، فضلاً عن عدم وجود معايير واضحة لمسألة الدعوة للانفصال والتقسيم والاستقواء بالخارج، ويمكن تفسير أي موقف أو رأي لأي شخص على أنه ارتكاب لهذه الدعوات.
وتضمنت الشروط أن يكون المرشح ملتزماً بالإعلان الدستوري، والمفارقة هنا أن الفترة الماضية شهدت مخالفات للإعلان الدستوري على يد السلطة، حيث اعتبر حقوقيون أن إصدار الرئيس السوري مرسوماً عدّل فيه قانون الاستثمار بمثابة مخالفة واضحة للإعلان الدستوري الذي منح حق إقرار وتعديل القوانين لمجلس الشعب وحظره عن الرئيس، فضلاً عن مخالفة المادة الخامسة من الإعلان التي نصت على تحديد شعار الدولة ونشيدها بقانون، فيما تم إقرار “الهوية البصرية الجديدة” والشعار الجديد دون وجود قانون، وهي أمثلة تضاف إليها عدة مخالفات للإعلان الدستوري في قضايا أخرى.
معايير الهيئة الناخبة
تستخدم المادة 24 عبارة ملتبسة في وضع معايير اختيار القائمة النهائية للهيئات الناخبة، حيث تقول “يراعى ما أمكن” في اختيار أعضاء الهيئة الناخبة أن تكون نسبة الكفاءات 70% والأعيان 30%، والتنوع المجتمعي والتوزع السكاني في الوحدات الإدارية وتنوع الاختصاصات في قائمة الكفاءات، وتمثيل المهجرين داخلياً وخارجياً، بما لا يقل عن 20% من عموم الهيئات الناخبة وتمثيل ذوي الشهداء ومصابي الثورة وذوي الإعاقة والناجين والناجيات من الاعتقال.
فالمادة لا تنص على معايير ملزمة وتفتح الباب للتملص من الالتزام منها باستخدام عبارة “يراعى ما أمكن”، كما أن نسبة تمثيل النساء بلغت 20% بينما كانت المطالبات أن تصل إلى 30% كحد أدنى، فضلاً عن عدم وضع أي معيار أو إشارة لضرورة تمثيل فئة الشباب.
من جهة أخرى، فإن حصر الترشح للمجلس بأعضاء الهيئة الناخبة، وهذه الهيئة تختارها اللجنة الفرعية وتقرها اللجنة العليا، تجعل باب الترشح مغلقاً أمام عموم المواطنين وتحصره في من تختارهم السلطة ليكونوا مرشحين محتملين وناخبين في الوقت ذاته.
ومن المقرر أن تجري انتخابات مجلس الشعب السوري بين 15 و20 أيلول المقبل، بحسب رئيس اللجنة العليا للانتخابات “محمد طه الأحمد” الذي قال أنه سيتم منح اللجان الفرعية مدة 15 يوماً لاختيار الهيئات الناخبة.