"الدواء مقطوع وبإيقافه ستسوء حالتي الصحية"، هكذا عبرت غنى العابد (26 عامًا)، المصابة بمرض الذئبة الحمامية الجهازية (SLE)، وهو من الأمراض المزمنة المناعية. وأوضحت غنى، الطالبة في جامعة دمشق، أنها تتناول أدوية مثبطة للمناعة، وهي ذاتها التي توصف لمرضى زراعة الكلية، مشيرة إلى أن المرض تسبب لها بالتهاب في الكلى، ما اضطرها لتناول هذه الأدوية لأن المرض يهاجم أجزاء من الجسم.
اعتادت غنى الحصول على الدواء الخاص بمرضها من وزارة الصحة مجانًا، ولكن في عام 2016 بدأت الوزارة بالامتناع عن تقديمه بشكل متقطع، ثم توقفت عنه تمامًا. وأصبح المرضى يحصلون على كتب من الوزارة تفيد بأنهم لا يتلقون الدواء منها، ويتوجهون إلى الجمعيات الخيرية للحصول عليه بسبب سعره الباهظ.
أشارت غنى إلى أنها كانت تحصل على الدواء من جمعية "سوريا الخير" قبل إغلاقها، وأن المستشفيات العامة والوزارة لا تقدم هذه الأدوية للمرضى حاليًا. وأضافت أن سعر دواء "السيلسيبت" وحده يبلغ حوالي 400 ألف ليرة سورية، وأن المريض يحتاج من علبتين إلى ثلاث علب أو أكثر شهريًا، ما يعني أن التكلفة الشهرية للدواء تصل إلى حوالي 1.2 مليون ليرة سورية، بخلاف الأدوية الأخرى. وأكدت أن "إيقاف الدواء يؤثر عليها بشكل كبير، وقد يؤدي إلى تدهور حالة الكلية والحاجة إلى غسل وزراعة الكلية".
تسنيم قاسم، الطالبة في جامعة دمشق، تعاني من مرض تلاسيميا منجلي وتحصل على الدواء من وزارة الصحة، ولكنه انقطع منذ 1 كانون الأول 2024. وتبلغ تكلفة الدواء شهريًا نحو مليون ليرة سورية، وتؤكد تسنيم أن إيقاف الدواء يزيد من نوبات المرض ويشكل خطرًا على حياتها.
وبحسب النشرة الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، يبلغ سعر شراء الدولار الواحد الأمريكي 12 ألف ليرة سورية، بينما في السوق السوداء يبلغ سعر شراء الدولار الواحد الأمريكي 11450 ليرة سورية، وذلك بحسب موقع "الليرة اليوم".
استجابة غير كافية
مدير الرقابة الدوائية والشؤون الصيدلانية في وزارة الصحة، إبراهيم الحساني، صرح لعنب بلدي بأن الوزارة تعمل على تحديد الاحتياج الفعلي للأدوية من خلال مديرياتها في مختلف المحافظات، تمهيدًا لاستيراد الكميات الضرورية بشكل عاجل. وأشار إلى أن الوزارة وجهت نداءات متكررة إلى العديد من المنظمات والمجتمع الأهلي، ولكن لم تسجل استجابة كافية حتى الآن، على الرغم من توفير بعض الأدوية من قبل بعض الجهات، إلا أنها لا تلبي الاحتياجات الطارئة والحقيقية على الأرض.
وأضاف الحساني أن الوزارة باشرت بإنشاء سلال دوائية ستُوزع على المعامل المحلية وفقًا لقدراتها الإنتاجية، وذلك ضمن خطة طارئة يجري تنفيذها بوتيرة متسارعة في إطار تعزيز الأمن الدوائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. وأكد أن أسعار الأدوية لم تشهد ارتفاعًا في سوريا، وأن انخفاض مخزون الأدوية المستوردة دفع بعض المرضى للبحث عن طرق بديلة لتأمين أدويتهم. وأكد أن الوزارة تسعى لاستيراد الكميات اللازمة من الأدوية وتوزيعها بشكل عادل على مختلف المرافق الصحية والمستشفيات لضمان وصول العلاج إلى من يحتاجه.
وفي كانون الثاني الماضي، ذكرت منظمة "أطباء بلا حدود" أن أكثر من 70% من سكان سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية "عاجلة"، وأكدت سعيها لتوسيع أنشطتها في مناطق كان الوصول إليها "مستحيلًا" في عهد نظام بشار الأسد.