الجمعة, 26 سبتمبر 2025 09:47 PM

مشروع تفكيك الشرق الأوسط: قراءة في تصريحات توم باراك المثيرة للجدل

مشروع تفكيك الشرق الأوسط: قراءة في تصريحات توم باراك المثيرة للجدل

في تصريح أثار جدلاً واسعاً، صرح توم باراك، المبعوث الأمريكي إلى لبنان، قائلاً: "التاريخ علمنا البحث عن الحلول على أجزاء، وسنبدأ بتركيا ثم سوريا ولبنان والأردن وغزة، ولا يوجد شيء اسمه الشرق الأوسط بل هو عشائر وقرى، أما الدول فأوجدها البريطانيون والفرنسيون."

يرى الدكتور سلمان ريا أن هذه الكلمات ليست مجرد زلة لسان، بل هي إعلان عن مشروع يهدف إلى تفكيك المنطقة، وتحويلها إلى كيانات ممزقة تُدار كملفات منفصلة، وإبقاء الشعوب تحت الوصاية. ويشبّه ذلك باتفاقية سايكس بيكو جديدة، ولكن بأدوات ناعمة تعتمد على إدارة الأزمات بدلاً من الاحتلال المباشر.

ويستشهد الكاتب بسوريا كمثال على هذا النموذج، حيث يقع شمالها الشرقي تحت النفوذ الأمريكي، وشمالها الغربي تحت السيطرة التركية، بينما تخضع بقية البلاد لمراقبة موسكو. وفي لبنان، تُدار الأزمات كجزر معزولة، مثل أزمة الكهرباء التي لا ترافقها سيادة، ومرفأ بلا إصلاح، واقتصاد بلا قرار سياسي، مما يؤدي إلى تجزئة الدولة وتقويض سيادتها.

ويعتبر مفهوم "السيولة" هو الأخطر، حيث لا توجد حرب تنهي الوضع، ولا سلام يرسخ الاستقرار، مما يخلق فوضى مُحكمة تبقي المنطقة رهينة وتمنع أي استقلال حقيقي.

ويشير المقال إلى هشاشة الأردن على خطوط النار، وعزل غزة عن الضفة، وتقييد تركيا بملف الأكراد، بينما تترسخ إسرائيل كطرف رابح وحيد في هذا المشهد المتدهور.

ومع ذلك، يرى الكاتب أن ما أراده توم باراك كبداية للتفكيك قد يتحول إلى شرارة لنهضة، فالشعوب التي وُصفت بـ "العشائر والقرى" هي نفسها التي صنعت الحضارات وواجهت الغزاة، ولن تُمحى بخطاب دبلوماسي أو خريطة مرسومة في الخارج.

ويختتم المقال بالتساؤل: متى نقول كلمتنا؟ ومتى تتحول السيولة التي خططوا لها إلى طوفان وطني يجتاح مشاريعهم؟ ومتى تُرفع الخرائط من أيدي الدبلوماسيين إلى أيدي الشعوب؟ لقد حان الوقت ليصنع أهل المنطقة مستقبلهم بأنفسهم، وأن يولد من رحم هذا الشرق الهش شرق جديد، شرق الشعوب لا شرق الوصاية.

مشاركة المقال: