الإثنين, 13 أكتوبر 2025 08:29 PM

معضمية الشام: مبادرات فردية يائسة لإنقاذ التعليم في ظل نقص التجهيزات

معضمية الشام: مبادرات فردية يائسة لإنقاذ التعليم في ظل نقص التجهيزات

بعد مرور أكثر من عقد على الحرب التي أضعفت البنية التحتية في معظم مناطق ريف دمشق، لا يزال القطاع التعليمي يواجه تحديات جمة، خاصة في مدن منكوبة مثل معضمية الشام. هذه التحديات تتجلى في نقص حاد في التجهيزات والخدمات الأساسية.

على الرغم من عودة آلاف العائلات إلى ديارها خلال العامين الماضيين، لم تستطع المدارس استعادة كامل جاهزيتها. فهي تعاني من نقص في المقاعد، التدفئة، والوسائل التعليمية، في ظل تزايد أعداد التلاميذ العائدين من مناطق النزوح.

تبرز في هذا السياق مبادرات أهلية وجهود فردية تسعى لسد الفجوة التعليمية، في ظل تباطؤ واضح في الاستجابة الرسمية. يعكس هذا الحراك الشعبي رغبة المجتمعات المحلية في إنقاذ ما تبقى من العملية التعليمية، وتوفير بيئة دراسية تحفظ حق الأطفال في التعلم بكرامة.

تعيش مدارس مدينة معضمية الشام أوضاعًا صعبة، خاصة فيما يتعلق بالخدمات الأساسية وغياب التجهيزات. ففي عدد من المدارس، يجلس تلاميذ المرحلة الابتدائية على الأرض لعدم وجود مقاعد وطاولات، داخل صفوف تفتقر إلى التدفئة والنوافذ الصالحة، وسط ظروف مناخية قاسية تزداد صعوبة مع اقتراب فصل الشتاء.

في ظل هذا الوضع، ظهرت جهود فردية ومجتمعية محدودة تهدف إلى دعم التعليم بشكل عاجل. بادر عدد من الأهالي والناشطين المحليين إلى تجهيز بعض الصفوف بمقاعد مستعملة، وجمع تبرعات لتأمين مدافئ وقرطاسية للأطفال، في محاولة لسد النقص إلى حين استجابة الجهات الرسمية.

تشير شهادات الأهالي إلى أن العديد من الأطفال عادوا حديثًا من مخيمات النزوح في الشمال السوري إلى مناطقهم في ريف دمشق، أملًا في الاستقرار والعودة إلى التعليم. لكنهم وجدوا مدارس بلا مقاعد ولا خدمات أساسية، في مفارقة مؤلمة بين واقع المخيمات ومدارسهم الحالية.

وفي تصريح خاص، أوضح الدكتور مهند الخطيب، مدير فريق “إرادة” التطوعي، أنه بعد التواصل مع مديرية التربية بريف دمشق لطلب تزويد المدارس بالمقاعد والمستلزمات، كان الرد الرسمي أن “العمل جار على إنتاج دفعة جديدة من المقاعد”، دون تحديد موعد واضح للتنفيذ.

يؤكد الخطيب أن “ما نحتاجه اليوم ليس وعودًا مستقبلية، بل استجابة عاجلة، فالأطفال لا يمكنهم الانتظار”، داعيًا الجهات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإدارية تجاه حق الطلبة في التعليم ضمن بيئة آمنة وصحية.

في مدرسة معضمية الشام الرابعة (حلقة أولى)، يصف الدكتور مهند الخطيب الوضع بالقول إن الروضة التابعة للمدرسة كانت تفتقر إلى المقاعد والخزائن والطاولات، وتم تأمين جزء منها بجهود تطوعية محلية، بينما لا تزال الخزائن مفقودة. أما باقي الصفوف، فما زالت تعاني من نقص في المقاعد، إلى جانب الحاجة الماسة إلى أعمال دهان وترميم وبلاط وصيانة للمرافق والمساحات الخارجية.

يشير الخطيب إلى أن فريق إرادة التطوعي بدأ فعليًا تنفيذ أعمال الترميم بتمويل محلي من أبناء المجتمع، قائلًا: “نقوم بهذه الأعمال التطوعية، في محاولة لتحسين بيئة المدرسة بما يتوفر من إمكانيات”.

وفي تطور لافت أمس، تجاوبت مديرية تربية ريف دمشق مع شكاوى مشابهة وردت من مدرسة في بلدة النشابية، بعد انتشار صور تُظهر طلابًا يجلسون على الأرض داخل الصفوف بسبب نقص الأثاث. زار مدير التربية المدرسة بشكل مباشر وتعهّد بتجهيزها بالكامل خلال أيام لتأمين المقاعد والاحتياجات الأساسية.

هذه الاستجابة – رغم محدوديتها – تعطي أملًا بأن نقل الواقع كما هو يمكن أن يدفع نحو تحرك فعلي. يأمل الأهالي في معضمية الشام أن يشمل هذا التحرك مدارسهم قريبًا قبل أن يزداد الوضع سوءًا مع دخول الشتاء.

بين بطء الإجراءات الحكومية وتزايد المبادرات الفردية، يبقى التعليم في ريف دمشق معلقًا بين الحاجة والإمكان. يواصل الأهالي والمتطوعون جهودهم البسيطة لتأمين الحد الأدنى من مقومات الدراسة، إلى أن تتحول الوعود إلى خطوات عملية تضمن للأطفال حقهم الطبيعي في التعلم بكرامة.

مشاركة المقال: