الجمعة, 28 نوفمبر 2025 02:53 PM

من الماضي إلى الحاضر: نظرة على تظاهرات السوريين وتحديات الوحدة الوطنية

من الماضي إلى الحاضر: نظرة على تظاهرات السوريين وتحديات الوحدة الوطنية

لُجين عصام سليمان: من الصعب تقييم المظاهرات الأخيرة التي شهدها الساحل السوري، حيث تكرر مشهد عام 2011. لم يتم التركيز على المطالب المشروعة، بل تم اختزال الأمر في مشكلة طائفية. الطائفية أصبحت قيدًا يمنع الفرد من رؤية الآخر خارج إطار الانتماء الطائفي، ويحول دون إدراك وجع الآخر. كيف لمن طالب بالخلاص من ظلم الأسد أن يسكت على الظلم مرة أخرى؟ هذا سؤال يستحق البحث العميق.

لماذا لم تتمكن النخب العلمانية والمدنية من حشد الناس للمطالبة بحقوقهم؟ لماذا لم تستطع مؤسسات المجتمع المدني توحيد الناس حول آلامهم، خاصة وأن الجميع في سوريا اليوم ضحايا، بمن فيهم أولئك الذين يعتقدون أن الانتقام ممكن بمجرد انتهاء عهد الأسد، فالمنتقم هو أيضًا ضحية لماضيه.

للإجابة على السؤال الأول، يجب استحضار مشهد عام 2011، عندما خرج الكثيرون بمطالب محقة، ولكن تم تناول الأمر من منظور الانتماء الطائفي بتحريض من السلطة. على الرغم من الانقسامات بين مؤيد ومعارض، كان الانقسام الشعبي قائمًا على أساس طائفي، وعلى أساس الشعور بالألم الشخصي فقط. كان كل طرف يجرم الآخر بناءً على انتمائه، دون محاولة فهم مأساته. باختصار، كان التصنيف يتم وفقًا للانتماء الطائفي.

اليوم، في نهاية عام 2025، يتكرر المشهد نفسه ولكن بالعكس. فئة من السوريين لديها مطالب محقة، معتقلون في السجون، وعاطلون عن العمل بسبب الفصل التعسفي، ومعطيات تستحق الحوار. ولكن بعقلية بدائية، يتم اتهامهم بالتخريب والقضاء على مستقبل سوريا، كما حدث في عام 2011 عندما اتُهم جميع المتظاهرين بالتخريب، والسبب هو عدم النظر خارج الطائفة.

يذكر هذا بجهات الاتحاد الأوروبي ومنظمات المجتمع المدني التي تستضيف السوريين وتصنفهم وفقًا لانتماءاتهم الطائفية، حيث كانت الدعوات توجه بناءً على الطائفة، حتى لو لم يكن المدعوون يؤمنون بهذا النوع من الانتماءات. وقد استنكر هذا الأمر العديد من السوريين العلمانيين المؤمنين بسوريا المتنوعة. كانت الفكرة السائدة هي: "سوريا محكومة بقبضة أمنية، والفسيفساء قناع بعثي اخترعه حزب البعث، وبالتالي التمثيل الطائفي هو الأكثر واقعية".

بعد عام 2011 وخروج التظاهرات، ظهر التناقض القائم على أساس الانتماء الطائفي قبل أي تقييم عقلي، مما يرسخ فكرتين: الأولى أن الجهات الخارجية لا ترانا سوى أرقامًا ضمن قبائل وطوائف وعشائر، والثانية أن الأنظمة الحاكمة لم ترد لعقلية الإنسان البدائية أن ترتقي إلى عقلية أكثر حضارة وتقدمًا. وفي كلتا الحالتين، يمكن تصنيف الأمر على أنه مأزق حضاري كبير.

أما السؤال الثاني، المتعلق بالنخب التي لا تملك قاعدة شعبية، فقد ابتعدت عن المشهد لأسباب متعددة، قد تكون أن تلك الشخصيات المصنفة كنخب هي من إفرازات سلطوية، إفرازات أنظمة طائفية قمعية تسلطية، تمثل على الناس ولا تنصفها، والمواطن يستطيع التمييز بين من يمثل عليه وبين من يمثله.

وباعتبار أن كل جماعة بحاجة إلى انتماء يشعرها بالأمان، تعود الطائفة لتحتل المكان الأبرز على اعتبار أنه المكان الأكثر أمانا، وبذلك نعود لنرى مظالم الآخر أنها قائمة على أساس طائفته بما يبعدنا عن أن نكون بشرا.

أخيرًا، لا نجاة لسوريا سوى باعتماد مبدأ: "لا غالب ولا مغلوب، فالجميع كان ضحية، والناج الوحيد لم يظهر بعد ما دام السلوك قائما على عقلية ماضوية".

على الهامش: أنا ضد أي مجلس طائفي وضد أي قيادة طائفية، وضد أي تحركات انفصالية ومع وحدة سوريا (اخبار سوريا الوطن 1-صفحة الكاتبة)

مشاركة المقال: