الخميس, 26 يونيو 2025 07:44 PM

من ريف دمشق إلى النجاح: قصة أماني النجاد ومشروع الشوكولا المنزلي الملهم

من ريف دمشق إلى النجاح: قصة أماني النجاد ومشروع الشوكولا المنزلي الملهم

في ركن هادئ من منزلها المتواضع في جرمانا بريف دمشق، تصنع أماني النجاد (26 عاماً) قصة نجاح ملهمة. فبإمكانات بسيطة وشغف كبير، حوّلت هذه الشابة السورية ظروفها كأم إلى فرصة لإطلاق مشروع منزلي متخصص في صناعة الشوكولا البلجيكية.

من التمريض إلى ريادة الأعمال: حلم لم يمت

بعد تخرجها في كلية التمريض ومزاولة المهنة لسنوات، وجدت أماني نفسها مضطرة للتوقف عن العمل بعد الزواج وإنجاب طفلها، وذلك بسبب صعوبة التوفيق بين الأمومة والعمل وعدم توفر الدعم الكافي. لكن طموحها لم يخمد، فقررت البحث عن طريقة للعمل من المنزل والمساهمة في دخل الأسرة. وفي حديثها لـ"سوريا 24"، تقول أماني: "لم أكن أرغب في أن أكون مجرد مستهلكة، أحب الإنتاج والعمل ومساعدة زوجي".

وهكذا، بدأت رحلتها في البحث عن فكرة مشروع منزلي تتناسب مع مهاراتها وشغفها، إلى أن وجدت ضالتها في عالم صناعة الشوكولا. فبدأت بتعلم فنون صناعة الشوكولا عبر الإنترنت، ثم انطلقت في تأسيس مشروعها الصغير بإمكانات متواضعة، وبدعم كبير من زوجها الذي تعتبره الداعم الأول لها.

تحديات البداية: من القوالب إلى أزمة الكهرباء

لم تخلُ بداية مشروع أماني من التحديات. فمن صعوبة إيجاد القوالب المناسبة لتصميم الشوكولا، خاصة في ظل محدودية الخيارات المتاحة، إلى البحث عن أجود أنواع المواد الأولية. تقول أماني: "كان من الصعب جداً العثور على قوالب جميلة، خاصة وأن الخيارات المتوفرة في المناطق الخاضعة للنظام سابقاً محدودة". وبعد تجربة أنواع مختلفة من الشوكولا، استقرت على نوع بلجيكي خام يوفره لها أحد أقاربها من الخارج.

ولم تقتصر التحديات على ذلك، بل امتدت إلى صعوبة إيجاد شركات لتصنيع كميات صغيرة من علب التغليف، ما دفعها إلى تصميم العلب بنفسها في المنزل. وتضيف أماني: "الكهرباء أيضاً مشكلة كبيرة، فنضطر أحياناً إلى إيقاف العمل أو خسارة الإنتاج بسبب انقطاع التيار".

التسويق بالإصرار: من الأقارب إلى العالم الرقمي

في ظل عدم امتلاكها متجراً أو ميزانية للإعلانات، اعتمدت أماني في التسويق لمنتجاتها على الأصدقاء والعائلة في البداية، ثم أطلقت صفحات على فيسبوك وإنستغرام لعرض تصاميمها المميزة. وسرعان ما بدأت منتجاتها تكتسب شهرة واسعة بفضل جودتها العالية وتصاميمها المبتكرة.

وتقول أماني بفخر: "التصاميم التي أقدمها جديدة ومختلفة، وهذا ما جذب الناس إلى عملي، وبدأت أتلقى الكثير من الدعم والتشجيع". وتؤكد أن جودة الشوكولا التي تستخدمها هي سر نجاحها، فهي ترفض استخدام الزيوت المهدرجة أو أي إضافات صناعية، ما يجعل منتجاتها صحية وطبيعية وذات طعم مميز.

التمكين الاقتصادي من قلب المنزل

تمثل أماني اليوم نموذجاً للمرأة السورية التي استطاعت، رغم الظروف الصعبة، أن تحول منزلها إلى مساحة للعمل والإنجاز وتحقيق الاستقلال المالي. فهي لا تساهم فقط في تحسين وضعها الاقتصادي وعائلتها، بل تلهم أخريات لاقتحام سوق العمل المنزلي.

وتؤكد أماني: "أحاول أن تكون الأسعار مناسبة وتنافسية، لأنني أرغب في أن يتمكن الجميع من تناول شوكولا لذيذة وصحية، وفي الوقت نفسه تحقيق ربح بسيط يساعدني على الاستمرار". وتشير إلى أنها، رغم ضغوط المنزل والأمومة والعمل، تجد في مشروعها متعة تعوضها عن كل التعب. وقد أصبحت مصدر إلهام للعديد من السيدات والشابات اللواتي طلبن منها تقديم دورات تعليمية في مجال صناعة الشوكولا وتزيينها.

في مجتمع أنهكته الحروب والتحديات الاقتصادية، تبرز قصص نساء مثل أماني النجاد كأمل، وتثبت أن الإرادة وحب العمل يمكن أن يحققا النجاح، حتى بأبسط الإمكانيات. فنجاح أماني ليس مجرد قصة نجاح فردية، بل هو دليل على أن التمكين الاقتصادي يبدأ من الإيمان بالذات، ومن ركن صغير في المنزل يمكن أن يولد مشروع كبير.

مشاركة المقال: