تتفاقم معاناة المعتقلين السوريين في سجن رومية اللبناني، المعروف بظروفه القاسية، حيث يقبعون منذ سنوات بتهم سياسية تتعلق بمعارضتهم للرئيس الأسد ونظامه. ناشد الأستاذ محمد قاسم، أحد المعتقلين، الحكومة السورية عبر اتصال من داخل السجن مع قناة الإخبارية السورية، واصفًا السجن بأنه "مقبرة للأحياء"، حيث ينعدم الدواء والماء والطعام والرعاية الطبية. وأضاف قاسم، البالغ من العمر ستين عامًا، أنه يعاني من أمراض مستعصية، حاله كحال العديد من السجناء الآخرين.
وأكد قاسم أن المرضى يضطرون لشراء الأدوية على نفقتهم الخاصة بسبب تقاعس إدارة السجن عن توفيرها، مما يؤدي إلى وفيات مستمرة دون أي تحقيق. وأشار إلى انتشار الأمراض، خاصة الجلدية والجرب، مع وجود طبيب واحد فقط مخصص لنحو 6 مباني يقبع فيها السجناء.
وحول أسباب عدم حل هذا الملف، أوضح الكاتب والمحلل السياسي السوري مصطفى النعيمي، أن "التلكؤ في حل ملف المعتقلين بسجن رومية يعود للطابع السياسي للملف، حيث يستخدم كورقة ضغط سياسي مع الدولة السورية من قبل بعض الأطراف اللبنانية. الكثير من المعتقلين السوريين اعتقلوا على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية وبعض القوى اللبنانية التي كانت تتماهى مع النظام البائد وما زالت تسيطر على مفاصل في الدولة اللبنانية، بما في ذلك الأجهزة الأمنية والسجون".
من جانبه، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري حسام نجار، إن "ملف المعتقلين السوريين في لبنان يعتبر ملفا شائكا يتم استخدامه سياسياً من قبل العناصر المسيطرة على مفاصل مراكز القيادة الأمنية والسجون من عناصر حزب الله و توابعهم و المتعاملين معهم، في الدولة اللبنانية التي مازالت مختطفة رغم تعيين رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء".
وأشار نجار إلى أن الأحكام الصادرة بحق المعتقلين تمنع إطلاق سراحهم، لأنها نُفذت وفق القوانين والاتهامات التي ساقها عناصر الحزب وتوابعه. ودعا الدولة السورية إلى التحرك للمطالبة بهم وتعيين محامين، مؤكدًا أن الاتهامات كيدية وأن معظم المعتقلين هاربون من نظام الأسد ومعارضون له، بالإضافة إلى وجود ضباط وعناصر عسكريون منشقون.
تشير التقديرات إلى وجود حوالي ألفي سوري في السجون اللبنانية منذ عام 2011، معظمهم في سجن رومية، بتهم تتعلق بالإرهاب بسبب دعمهم للثورة السورية، ويتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، وفقًا لتقارير منظمة هيومن رايتس ووتش.
على الرغم من إعراب الرئيس اللبناني جوزيف عون عن حرص بلاده على إقامة علاقات جيدة مع سوريا ورئيسها أحمد الشرع، لم يحدث أي تقدم في هذا الملف حتى الآن، بينما تدعو دمشق إلى حله في أقرب وقت ممكن.
وشدد نجار على أهمية تفعيل الدور الحكومي في هذا الملف وتشكيل فريق من القانونيين والمحامين، مع العمل من خلال القنوات الدبلوماسية.
ويرى النعيمي أن هناك جوانب قانونية معقدة، مثل الحبس الاحتياطي المفتوح للمتهمين بالإرهاب، ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وعدم فتح تحقيقات في حالات الوفاة. ووثقت منظمات حقوقية وفاة نحو 29 سجينًا سوريًا في سجن رومية بسبب الإهمال الطبي وحالات الانتحار، دون أي تحقيق من قبل قوى الأمن الداخلي اللبنانية.
طالب المعتقل قاسم بترحيلهم إلى بلادهم ومحاكمتهم فيها، مؤكدًا أنه معتقل منذ 12 عامًا بلا سبب، وأن التهم الموجهة إليهم سياسية وتعود لمشاركتهم في الثورة ضد نظام الأسد، حيث اتهمتهم سلطات السجن بالإرهاب بعد هروبهم من النظام.
ووجه قاسم رسالة إلى صناع القرار في سوريا، مطالبًا الحكومة السورية بالنظر في ملفهم وتجديد الأمل بالإفراج عنهم والعودة إلى بلادهم.
يذكر أن معتقلًا سوريًا من مدينة القصير في ريف حمص توفي داخل السجن بعد اعتقاله لسنوات بسبب مشاركته في الثورة السورية، مما أثار غضب السوريين وتداول تهديدات بأعمال أمنية وعسكرية لحل قضية المعتقلين في سجن رومية.
وأصدر معتقلو السجن بيانًا يرفضون فيه أي خطاب يهدد السلم الأهلي في لبنان، ويؤكدون على سلمية تحركاتهم داخل وخارج السجون، والتي تقتصر على العمل الإعلامي والاعتصامات وزيارات المسؤولين.