شهدت محافظة السويداء يوم الأربعاء نزوحاً جماعياً لأكثر من 300 عائلة بدوية نحو القرى المتاخمة للحدود الإدارية مع محافظة درعا. جاء هذا النزوح نتيجة لحملة مداهمات وانتهاكات وصفت بالوحشية، نفذتها ميليشيا "الهجري" التي تتلقى دعماً مباشراً من "إسرائيل"، وذلك في إطار ما وصف بسياسة خلط الأوراق في جنوب سوريا.
أكدت مصادر ميدانية لـ"زمان الوصل" أن الميليشيا التابعة لشيخ العقل حكمت الهجري، قد شنت منذ فجر الأربعاء سلسلة اعتداءات على مضارب وتجمعات بدوية في مناطق الحقف، ملح، قاع البنات، العجيلات، دوّارة، المقوس، وشهبا. استخدمت الميليشيا الرصاص الحي والأسلحة الثقيلة، ونفذت إعدامات ميدانية أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين، بينهم أطفال، بالإضافة إلى إصابة عدد كبير بجروح خطيرة وتعذيب معتقلين حتى الموت.
أفاد شهود عيان، عبر رسائل صوتية أُرسلت لـ"زمان الوصل"، أن عناصر الميليشيا رددوا شعارات طائفية، وهددوا العائلات المتبقية بـ"الإبادة" في حال عدم المغادرة الفورية، وسط تجاهل دولي تام. تتوزع العائلات النازحة حالياً على قرى السويمرة، الهيات، بصرى الشام، الغارية الشرقية، والمليحة الشرقية، حيث يقيمون في أراضٍ زراعية مكشوفة، دون مأوى أو مياه أو غذاء، في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة.
قال أحد وجهاء العشائر لـ"زمان الوصل": "ما يحدث اليوم نتيجة مباشرة لتحالف مشبوه بين الميليشيات الطائفية وبعض الجهات الخارجية، وعلى رأسها إسرائيل، التي تسعى لزعزعة التركيبة الاجتماعية في الجنوب وتغذية الصراع الأهلي". وأضاف أن "ميليشيا الهجري لا تتحرك بمعزل عن غرف تنسيق أمنية تضم عملاء معروفين بتواصلهم مع الاحتلال". وأوضح أن التهجير القسري يهدف إلى إفراغ الريف الشرقي للسويداء من البدو، وفرض بيئة طائفية مغلقة تحت سيطرة الميليشيات.
في السياق ذاته، وثّق ناشطون عمليات إعدام ميداني بحق أطفال ونساء، تحققت "زمان الوصل" من أربعة مقاطع مصورة تؤكد ذلك، إلى جانب إحراق خيام، ومصادرة مواشٍ وممتلكات، في مشهد يعيد إلى الأذهان سياسات التطهير العرقي التي مارستها ميليشيات إيران والنظام المخلوع في مراحل سابقة من الثورة السورية.
رغم خطورة الوضع، لم تُسجل أي استجابة من منظمات الإغاثة العاملة في الجنوب. ويحذر مراقبون من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تصعيد واسع في الجنوب، وفتح باب لصراعات مفتوحة بين المكونات، وسط مناخ إقليمي متوتر وتدخلات استخباراتية مكشوفة.
يوسف الحشيش - زمان الوصل